رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ماذا بعد إعادة توازن الأسواق؟

المصطلح الذي يجسد آمال صناعة النفط في الوقت الراهن، هو "إعادة التوازن". أصبح هذا المصطلح يتداول في جميع المحافل والنشريات النفطية، وهذا يعني أن وفرة العرض قد انتهت. والعرض والطلب في حالة توازن، وأن الأمور يمكن أن تعود إلى وضعها الطبيعي قبل الأزمة.
لقد أشار عديد من المحللين أخيرا إلى أن إعادة توازن الأسواق جارية. ووكالة الطاقة الدولية وغيرها من مراكزالبحوث يعتقدون ذلك. بهذا الخصوص، تقول الوكالة، إن نمو الطلب بأسرع من المتوقع في النصف الأول من العام الحالي وانقطاعات الإمدادات الأخيرة كلاهما يشير إلى أن الأسواق ستكون "متوازنة" في النصف الثاني، والمخزون النفطي سوف ينخفض في الربع الثالث. بصورة عامة تقول الوكالة، إن الطلب سوف يرتفع بقوة هذا العام بمعدل 1.3 مليون برميل في اليوم وبالوتيرة نفسها في عام 2017.
هذا يعد اتجاها تصاعديا للأسعار. إذا تخمة العرض تسببت في انهيار الأسعار، فإن وضع حد لها سوف يرفعها. حتى مع التراجع الحاد في الأسعار الذي بدأ في الأسبوع الأول من الشهر الماضي، الذي أرسل أسعار خام برنت إلى ما دون 43 دولارا للبرميل في الأسبوع الأخير منه، يعزز هذا المنطق. حيث إن تراجع الأسعار سوف يؤدي إلى إنتاج أقل واستهلاك أعلى. لذلك العلاج لانخفاض الأسعار هو انخفاض الأسعار. هذا هو المنطق الأساسي بين العرض والطلب.
ولكنّ هناك عاملين لصناعة النفط ألا تتجاهلها. الأول هو الأساسيات، التي يمكن أن تعود في الأسواق إلى حالة عدم الاتزان مرة أخرى. والثاني هو تفاقم تدهور الاقتصاد الكلي. الأسواق قد تصل إلى التوازن – تحقق التوازن – ولكن مع تأثير صعودي طفيف على الأسعار.
من دون شك الخسائر في الإنتاج كانت حادة. حيث ترى وكالة الطاقة الدولية أن الإمدادات من خارج "أوبك" في شهر حزيران (يونيو) كانت أقل بنحو 1.3 مليون برميل في اليوم عما كانت عليه في الشهر نفسه من العام الماضي. الولايات المتحدة وحدها فقدت مليون برميل في اليوم منذ شهر نيسان (أبريل) 2015، استنادا إلى أرقام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
ولكن عند أسعار نفط بين 40 - 50 دولارا للبرميل، الأسوأ ربما قد أصبح وراءنا. عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة بدأ بالارتفاع. الإمدادات من خارج "أوبك" من المتوقع أن ترتفع بنحو 200 ألف برميل في اليوم في العام المقبل – على الرغم من أن هذا الارتفاع لا يشكل إلا نسبة ضئيلة من معدلات النمو قبل الأزمة، إلا أنه لا يزال يعد نموا. بصراحة، تأقلم منتجو النفط مع مستويات الأسعار المنخفضة. صناعة النفط في الولايات المتحدة، التي تعد السوق الأكثر ديناميكية للاستجابة لتقلبات الأسعار، لا تزال هناك فرص لتحقيق وفورات في التكاليف، وذلك بفضل زيادة الكفاءة. في هذا الجانب، يتوقع بنك الاستثمار جولد مانساكس أن تضيف الولايات المتحدة نحو 100 ألف برميل في اليوم في العام المقبل و0.8 مليون برميل في اليوم في العامين التاليين. وقال البنك، على ما يبدو أيضا أن الشركات بدأت تعتمد مشاريع جديدة بعد توقف دام 18 شهرا.
في هذا الجانب، أعلنت شركة شيفرون وشركائها عن خطط لإنفاق 37 مليار دولار على مشروع تنجيز (Tengiz) في كازاخستان، الذي من المتوقع أن يضيف نحو 260 آلف برميل في اليوم. في الوقت نفسه، وعلى الرغم من العنف في منطقة الدلتا في نيجيريا – الذي أدى إلى انقطاعات حادة في الإمدادات – والفوضى المستمرة في قطاع النفط في ليبيا، والأزمة السياسية في فنزويلا، وصل إنتاج "أوبك" في شهر تموز (يوليو) إلى مستوى قياسي جديد عند 33.4 مليون برميل في اليوم، وفقا لمسح أجرته رويترز.
بعض كميات النفط الإضافية جاءت من انتعاش الإنتاج النيجيري. هذا قد لا يدوم. ولكن على ما يبدو أن الانقطاعات التي ضربت الإمدادات العالمية في الربع الثاني من العام في طريقها إلى التخفيف أكثر من التدهور. الإنتاج الكندي الذي تأثر بالحريق يستعيد عافيته، النفط من شمال العراق بدأ يتدفق مرة أخرى، ومحادثات السلام في كولومبيا قد تنهي تعطل خطوط أنابيبها. حتى في ليبيا، بعض علامات التعاون في قطاع النفط بين الفرقاء تجلب الأمل لارتفاع سريع في الصادرات.
المزيد من المعروض سوف يضع عبء إعادة التوازن على الطلب. ولكن هذا مثير للقلق. حيث يعتقد بعض المحللين الآن أن الاحتياطي النفطي الاستراتيجي للصين سوف يمتلئ في هذا الشهر، بالتزامن مع تراجع الطلب من مصافيها الصغيرة التي تعرف بـ (teapot)، نتيجة لذلك ستنخفض وارداتها النفطية. والبيانات من الولايات المتحدة مقلقة هي الأخرى. الأسواق الأمريكية كانت متلهفة لارتفاع كبير في الطلب على البنزين في هذا العام. ولكن، كما يشير بعض المحللين إلى أن هذا ربما كان وهما. أرقام إدارة معلومات الطاقة الشهرية – التي تعد أكثر دقة من تلك التي تحدث أسبوعيا – تظهر تراجعا حادا في الطلب الأمريكي على النفط بين شهري آذار (مارس) ونيسان (أبريل) بلغ 350 ألف برميل في اليوم. كما انخفض الطلب على البنزين. تنقيحات الإدارة هذه وضعت ضغوطا على الأسعار.
على خلفية هشاشة الاقتصاد الكلي، تم بالفعل خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي حتى قبل التصويت على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. المخاوف الآن أكبر – هذا واضح في كل شيء من انهيار عائدات السندات إلى تعزيز قوة الدولار الأمريكي. كأصول، النفط لم يعد ملاذا آمنا، ولكنه ضحية. على الرغم من أن الركود في المملكة المتحدة لن يؤثر كثيرا على توقعات نمو الطلب، إلا أن ضعف الاقتصاد الأوروبي ككل سوف يؤثر. وهذا سوف ينعكس على توقعات نمو الطلب التي تأخذ بنظر الاعتبار حالة الاقتصاد، لذلك توقعات الطلب الجديدة لوكالة الطاقة الدولية قد لا تكون متفائلة مثل سابقتها.
على الرغم من كل هذا، يفترض معظم المعنيين في الصناعة أن إعادة توازن الأسواق ستؤدي إلى تضخم أسعار النفط. ولكن ماذا لو أن 50 دولارا للبرميل هو الآن السعر السائد، من حيث القيمة الحقيقية، هذا المستوى هو تقريبا متوسط سعر النفط الخام منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي. في النهاية الأساسيات سوف تسود، كما كان الحال دائما. ولكن، إذا نلقي نظرة على الرسم البياني لأسعار النفط على المدى الطويل، نلاحظ أن سنوات الطفرة هي استثناء وليست القاعدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي