الصندوق السعودي للتنمية في قاطرة «الرؤية»
بالتأكيد أن عددا من مواطني المملكة قد صادفوا في رحلاتهم حول العالم لوحات كبيرة على طرق رئيسة وأمام مشاريع حيوية كالمستشفيات وغيرها في دول عدة توضح بجلاء أن هذه المشاريع قد تمت بمنح قروض من المملكة العربية السعودية، هذه القروض تأتي من خلال الصندوق السعودي للتنمية الذي تم إنشاؤه عام 1394 هـ، وتركزت أنشطته على تنمية الإيرادات الحكومية غير النفطية من خلال نشاط الصندوق في مجالي تمويل الدول والحكومات حول العالم وضمان الصادرات الوطنية من خلال برنامج الصادرات التابع للصندوق. ومنذ إنشاء الصندوق والمملكة تسعى أساسا للقيام بواجباتها الدولية في دعم التنمية في دول العالم، والصندوق في هذا الإطار يقدم نشاطه وإسهامه إلى 82 دولة في العالم خاصة قارتي إفريقيا وآسيا. وحتى عام 2015 قام الصندوق السعودي للتنمية بتنفيذ قروض بلغت 47 مليار ريال خصصت لتمويل 578 مشروعا وبرنامجا تنمويا. وقد بدأ الصندوق نشاطه برأسمال قدره عشرة مليارات ريال وقد تجاوز اليوم 30 مليار ريال سعودي. وفي جانب تنمية الصادرات السعودية فقد انطلق البرنامج الذي يشرف عليه الصندوق عام 2001م وأصدر البرنامج 13 وثيقة ضمان صادرات وطنية بقيمة 2241 مليون ريال ليصل بذلك عدد عمليات التمويل والضمان التي اعتمدها البرنامج حتى 2014م ما مجموعة 194 عملية بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 31 مليار ريال. والصندوق يتمتع بشخصية معنوية وذمة مالية مستقلة، وله مجلس إدارة مكون من ستة أعضاء يرأسه وزير المالية، ويتولى نائب الرئيس والعضو المنتدب السلطة التنفيذية فيه، وهو المسؤول عن تنفيذ قرارات مجلس الإدارة، هذا باختصار شديد ما يمكن الحديث عنه بشأن الصندوق السعودي للتنمية.
لكن من الواضح جدا أن الحكومة السعودية تتجه اليوم إلى تطوير أعمال هذا الصندوق فقد قرر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت يوم الإثنين الماضي تعديل نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 48) وتاريخ 14/ 8/ 1394هـ، ليكون ارتباط الصندوق بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بدلا من وزارة المالية ولعل هذا التعديل هو أهم تعديل هيكلي على الصندوق منذ إنشائه عام 1394هـ. كما أقر المجلس أن يعين رئيس مجلس الإدارة ونائب الرئيس والعضو المنتدب وأعضاء المجلس، بأمر من رئيس مجلس الوزراء، وأن تكون مدة عضويتهم ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
قد تبدو هذه التعديلات إجرائية، لكن الحقيقة أن الهدف منها هو دعم القرار في الصندوق، فالصندوق الآن تحت إشراف مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يشرف اليوم على إدارة مشروع "رؤية المملكة 2030"، التي تضمنت الكثير حول تنمية الإيرادات غير النفطية وإنشاء صندوق سيادي ضخم يتجاوز رأسماله تريليوني دولار، والهدف النهائي هو إيجاد إيرادات ضخمة للحكومة بعيدا عن الاعتماد على النفط تجعل الحكومة قادرة على مواصلة مسيرة التنمية دون فرض ضغوط تضخمية على المواطنين. ولهذا فإن ربط الصندوق السعودي للتنمية بمجلس الشؤون يعني الكثير بشأن الاستثمار الأمثل للتمويل الدولي وأيضا سيجد برنامج دعم الصادرات اهتماما مباشرا من القيادة، ولهذا فإنه من المتوقع أن يكون برنامجا التمويل الدولي وتنمية الصادرات تحت مجهر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وهذا بالتأكيد سيحقق الكثير من الدعم والتوجيه الخاص بتحقيق "رؤية المملكة 2030".
من الواضح جدا أن عملية الإصلاح الاقتصادي تسير بوتيرة ممتازة ونغمية عالية وأنها تعالج جميع القضايا حتى لو كانت قضايا داخل الهيكل الإداري الحكومي والهدف من ذلك كله - كما تحدث عنه الأمير محمد بن سلمان في أكثر من مناسبة-، هو تقليص العوائق البيروقراطية وتسهيل وتسريع عملية اتخاذ القرار بما يحقق الأهداف المرجوة، ومن الواضح جدا أيضا، أن "رؤية المملكة 2030" هي التي تقود قاطرة الاقتصاد السعودي الآن.