الثقة وما تنتج
عندما شاهد الناس مقطعا يصف مواقع بيع الخضار والفواكه دون بائع في إحدى دول أوروبا، بدأت عملية نهش الذات والإسراف في ذم مجتمعاتنا، لكن أحدا ممن جربوا هذا الأسلوب في المملكة أكد أن العملية كانت ناجحة بشكل فاق توقعاته شخصيا، وهو أمر يؤكده علم النفس.
متى منحت الناس الثقة، ستجد أن الأغلبية أهل لتلك الثقة، مع وجود الشواذ في كل المجتمعات البشرية. أما أن تخون الناس ثم تستغرب كيف أنهم يحاولون أن يتفوقوا على محاولات تغريمهم أو وضعهم في الركن، فهذا مدعاة لمراجعة الذات.
عموما الإنسان حالة فريدة في سلوكه وردود أفعاله، ومهما وضعنا من قوانين عامة، فليس هناك ما يضمن انطباقها على كافة أفراد المجتمع. تلكم هي حالة التفرد التي يتولد عنها كائن يعكس كل ما مر به في حياته حتى قبل الولادة، فقد أكدت دراسات علمية أن الجنين يتأثر بالمحيط الذي يعيش فيه، وربما يكون الأثر الحيوي أكثرها شيوعا ووضوحا للمختصين.
أقول هذا وأنا أشاهد كما غير قليل من التخوين من قبل جهات يفترض أن تكون أكثر حصافة من أن تنشر مثل هذا السلوك الذي يؤدي لكساد سوقها. دخلت أحد المطاعم العالمية مع مجموعة من الزملاء وما إن طلبنا حتى جاء النادل بالفاتورة وطلب منا أن نسددها قبل تقديم الطعام، وهو ما أثار حفيظة الجميع فقد توقعنا أن تكون منظومة كهذه أكثر لباقة.
اعترضنا على ما يفعل فبرر ذلك بأنه ضمن توجيهات إدارته، إذا فالمتوقع أن يغضب المستهلك من سلوك كهذا، ومتى ما أتيحت الفرصة لأي من الزبائن فهو لن يسدد المبلغ المطلوب. هنا أتساءل هل وصل بنا الحال إلى أن نفعل ما لا يتصوره أحد في العالم مع المستهلك، ومن مطاعم ذات اسم عريق وسمعة عالمية؟
دعوا هذا جنبا، وإليكم ابن عمه، عندما سكنت الفندق ذا الخمس نجوم، وطلبت أن يرسل لي خدمة الملابس، طلب مني أن أسدد المبلغ نقدا حالما أتسلم ملابسي. أعتقد أن اللوثة تجتاح كثيرا من المواقع ذات الإدارة غير القادرة على التفاعل الإيجابي مع المستهلك الذي سيرفض هذه الإهانة وعدم الثقة ما يولد مزيدا من المشاكل أقلها قرار عدم الذهاب إلى المكان مرة أخرى.