رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لماذا تأخذ من أموال الناس؟

الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ومن يحرم الرسوم مطلقا فتصوره عنها، وعن مالية الدولة مغلوط مملوء غبشا من الجهة الشرعية، ومن جهة اقتصاد المالية العامة. وهنا مزيد إيضاح.
من القواعد أو الأسس الفقهية أو الشرعية "الغنم بالغرم". والمعنى أن من ينتفع بشيء فعليه أن يتحمل تكلفته، عليه أن يدفع الثمن. ذلك لأن السماء لا تمطر ذهبا المروية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وبلغة علم الاقتصاد "لا وجود لغداء مجاني" no free lunch. وإن وجد ما يبدو لبعض الناس أنه مجاني فهناك من تحمل تكلفته. ولم يوجد البيع والشراء إلا لأن السماء لا تمطر ذهبا.
طيب ماذا بشأن الحكومات؟ مسؤوليات الحكومات تجاه مواطنيها توسعت وتطورت مع مرور السنين لتشمل توفير خدمات مدنية وعسكرية كثيرة ومتنوعة جدا ويصعب حصرها، وأكثرها يسمى السلع العامة التي لا يتوقع أصلا أن يوفرها السوق. ومن أمثلة السلع العامة فتح وتعبيد الطرق وإنارتها وتوفير الأمن وغيرها كثير. ويقابل السلع العامة السلع الخاصة التي يوفرها السوق. وهناك سلع بين بين، ممكن أن يوفرها السوق ولكن توفير الحكومة لها انسب لغالبية الناس، وأشهر مثال له التعليم العام.
ولكن السماء لا تمطر لها ذهبا. يعني لا يمكن لحكومة أي بلد أن تعمل وتقدم تلك السلع (كلمة سلع تشمل الخدمات) دون أن يتوافر بيدها المال الكافي. والرغبة في توفير سلع أكثر يعني ضمن ما يعني الحاجة إلى مال أكثر.
وهنا استطراد للفائدة. السلع العامة في المصطلح الاقتصادي تعني سلعا تمتاز بخاصيتين: استهلاك الفرد منها لا يترتب عليه استبعاد غيره من المشاركة في الاستهلاك، ولا قدرة على ولا حاجة إلى منع غيره من مشاركته في الاستهلاك. ولا قيام لحضارة من دون السلع العامة، فتعبيد الطرق والأمن والسلامة والتنمية ونمو الاقتصاد سلع عامة. وعموما موضوع السلع العامة معقد تتجاذبه الرؤى، وستبقى مسألة حدود السلع العامة في نقاشات المفكرين وأهل الاقتصاد والناس بمخلتف مشاربهم بين مضيق وموسع لها.
لنرجع إلى موضوعنا. من البداهة القول إنه لا يمكن للحكومات أن توفر ما توفره من سلع وخدمات دون وجود دخل أو إيراد يعني فلوس لديها. ومن ثم يطرح السؤال الجوهري التالي: ما مصادر هذا الدخل؟ لاحظت أن هذه النقطة يغفل أو يتغافل عنها كثيرون، كما لو أن السماء تمطر ذهبا، ولكنها ليست كذلك.
يمكن تصنيف مصادر إيرادات أو دخل الدولة إلى ثلاثة أنواع رئيسة: إيرادات ضريبية، وإيرادات غير ضريبية، وإصدار النقود (ما يسمى أحيانا بطباعة النقود).
النوع الأول هو أهم مصدر دخل غالبية الحكومات، وعلى الأقل فيما يسمى الدول المتقدمة. ولمن يرغب الاستزادة يمكنه، على سبيل المثال، الرجوع إلى:
Sources of Government Revenue across the OECD, 20151-
http://taxfoundation.org/article/sources-government-revenue-across-oecd-...
List of countries by tax rates2-
https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_countries_by_tax_rates
ومصدر الضرائب عادة دخول الناس أعني الأفراد والعائلات، ودخول الشركات، وبعض الأملاك.
لا تفرض المملكة رسوما على دخول الأفراد. ماذا بشأن الشركات؟ لدينا في المملكة ''نظام ضريبة الدخل''، الصادر بالمرسوم الملكي في 1425/1/15، وهذا النظام متاح على الإنترنت بالدخول على مواقع كموقع ''مصلحة الزكاة والدخل''، وموقع ''المركز الوطني للوثائق والمحفوظات'' التابع لمجلس الوزراء.
وحددت المادة الثانية من النظام الأشخاص الخاضعين للضريبة:
أ- شركة الأموال المقيمة عن حصص الشركاء غير السعوديين.
ب- الشخص الطبيعي المقيم غير السعودي الذي يمارس النشاط في المملكة.
ج- الشخص غير المقيم الذي يمارس النشاط في المملكة من خلال منشأة دائمة.
د- الشخص غير المقيم الذي لديه دخل آخر خاضع للضريبة من مصادر في المملكة.
هـ- الشخص الذي يعمل في مجال استثمار الغاز الطبيعي.
و– الشخص الذي يعمل في إنتاج الزيت والمواد الهيدروكربونية.
بالنسبة للشخص الأخير أي بند "و"، نص النظام فرض ضريبة على الوعاء الضريبي تساوي 85 في المائة. وللمعلومية هناك ثلاث شركات نفط، ولكن أرامكو السعودية هي الأكبر بفارق شاسع جدا.
النوع الثاني غير الضريبي تحته عدة أنواع أذكر منها:
رسوم أو أتعاب مقابل خدمات محددة وصفا ووقتا كرسم إصدار جواز السفر ورخصة القيادة.
رسوم استعمال تفرضها الحكومات عن استخدام مرافق بعينها. من الأمثلة رسوم دخول طرق ودخول متنزهات.
إيرادات غير مستقرة. ويدخل في ذلك ما تحصل عليه الدول من هبات وعطايا وغرامات وقروض من الداخل والخارج.
إيرادات مصدرها استثمارات وممتلكات الدولة. مثل ما تحصل عليه الحكومات من عوائد أصول تملكها سواء عقارات أو أسهم أو مقابل (أسعار) خدمات حكومية ذات طبيعة تجارية كالبريد والنقل العام، مثلها مثل القطاع الخاص.
وهناك ما يفرض لغرض خاص، وغالبا بغرض تصحيح أو تعديل أوضاع في الاقتصاد أومقابل خدمات تقدم لفئة أو أماكن بعينها. إصدار أو طباعة النقود. من منطلق أن الحكومة لها حق إصدار أو توليد النقود، والهدف دفع مصروفات غالبا في حالة وجود عجز، والثمن الأكبر هو التضخم. ومن ثم يمكن اعتبارها ضريبة بطريقة غير مباشرة، لأن التضخم يعمل على خفض الدخل الحقيقي للناس. وهناك مساوئ أخرى لا يتسع المقام للحديث عنها. وهناك نقاش حاد حول ما عملته وتعمله دول كبرى ما يسمى التيسير الكمي. وحيث إن المملكة ملتزمة بسعر الصرف، فهي لا تلجأ إلى هذا الخيار.
ما العلاقة بين ما سبق ذكره والزكاة؟ موضوع يتطلب لوحده تفصيلا في مقال مستقل.
من المهم الإشارة إلى أن النظام الضريبي (في أي دولة) يوصف بأنه جيد إذا توافرت فيه عدة صفات أهمها معايير العدالة والثبوت والمناسبة والمرونة والتنوع والأولوية والتحفيز الاقتصادي. وهذه النقاط تتطلب تفاصيل واسعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي