الدراسة الجامعية .. ترف أم ضرورة؟
مع ظهور مشكلة القبول في جامعاتنا هذا العام والحديث المستمر عنها في جميع وسائل الإعلام يبرز سؤال عن مدى حاجة شبابنا إلى الدراسة الجامعية، وهل هي ترف أم ضرورة؟! وتكثر الإجابات، لكنها في الغالب تنقسم إلى قسمين أولهما أن الدراسة الجامعية ترف ومظهر من المظاهر وإلا فإن أنواع الدراسة الأخرى في المعاهد التقنية والفنية أهم في هذه المرحلة وإن الأعمال الحرة لا تتطلب شهادة جامعية ولو أجرينا مسحا لكبار رجال الأعمال الناجحين لوجدنا مؤهلاتهم العلمية متواضعة جدا كما أن توفير الوظائف لجميع خريجي الجامعات غير ممكن .. ولكن القسم الآخر من الإجابات يقول إن الشهادة الجامعية لم تعد ترفا وإنما ضرورة ومن دونها لن يستطيع الشاب أن يبدأ حياته العملية وحتى العائلية فالقبول عند خطبة الزوجة مرهون بها إلى حد كبير .. ولذا فإن الدراسة الجامعية مطلب مهم للشباب في أي دولة وسبب مهم للأمن الوطني حيث ينتظم الشاب في مرحلة عمرية حساسة في دراسته تحت إشراف أساتذة فضلاء بدل الضياع والتعرض لتجاذب الأفكار والتيارات المتطرفة.. وبعد الحصول على الشهادة الجامعية على الشاب نفسه حسب الجدية والكفاءة أن يجد العمل المناسب في أي قطاع من القطاعات .. وإن لم يجد الوظيفة فإن عبارة (دلوني على السوق) كفيلة بحل مشكلته.
وبعد هذه المقدمة ومع توافر أكثر من ثلاثين جامعة في بلادنا فإن الدراسة الجامعية يجب أن تكون ميسرة وليكن القبول في السنة التحضيرية (التي لا ندري لماذا ألغيت) بلا قياس ويحق لمن اجتاز هذه السنة بنجاح الاستمرار، أما من تعثر فعليه أن يبحث عن إكمال دراسته في دولة أخرى أو معاهد تدريب أو عمل يناسب قدراته .. ولا أحد سيوجه اللوم في هذه الحالة لأنه أعطي الفرصة لعام كامل وليس لمجرد اختبار قياس أو قدرات قد يرتبك خلاله أو يتلعثم .. ولو تقرر القبول الكامل لجميع خريجي الثانوية لأسس القطاع الخاص مزيدا من الجامعات مع ملاحظة أن تلزم كل جامعة بتأمين السكن لطلابها لتنشأ المجمعات السكنية حول الجامعات مثل جميع دول العالم .. وسيكون من فوائد تأمين السكن الاستقرار للطالب والإقبال على الجامعات في المدن الصغيرة والمحافظات بدل أن تتكدس أكثرية الطلاب ورغباتهم في المدن الكبيرة وسيخفف ذلك الازدحام في تلك المدن كما سيحد توافر السكن من الحوادث على الطرق المؤدية إلى المدن والمحافظات التي لا تستفيد حاليا من الطلاب في كلياتها إلا الازدحام بسياراتهم قادمين ومغادرين.
وأخيرا: المؤمل من الدكتور أحمد العيسى وزير التعليم، وهو المتخصص والخبير في إدارة الجامعات، أن يولي اهتماما أكبر بموضوع توفير الدراسة الجامعية لشبابنا في بلادهم بدل غربتهم بنين وبنات للدراسة في دول أقل مستوى تعليمي من بلادنا لمجرد الحصول على الشهادة الجامعية التي أصبحت ضرورة وليست ترفا كما يظن البعض!