رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عمري 17 شهرا

في هذا السبت سأخرج عن بروتوكول المقتطفات المعتاد، لأضع لكم رسالة من شاب عسكري على التخم الجنوبي.. وهي رسالة ليست نقلا لرأيي، وإنما تأثرت برسالة جندي شاب، يقدم روحه من أجل ما أقسم عليه، كما أني أراها نفحة صادقة لتعزيز الحماسة وروح الإخلاص لكل جندي على الجبهة، يعد كل لحظة تمر عليه حيّا كأنها الحياة كاملة.. رسالة لم أتدخل في كلماتها سوى ما استلزمته قواعد اللغة، مع أن الجندي الشاب يملك من الفصاحة وسلامة اللغة الكثير، والأهم العاطفة التي تحرك نبض القلب:
أترككم مع رسالة المقاتل الشاب بداح بن طلال الفغم:

(عمري 17 شهرا)
‏‏قد يظن البعض من هذا العنوان أنه فقط للفت الانتباه، ولكن هذا صحيح فعلا، ‏عمري 17 شهرا وما قبلها كانت سنوات من اللامبالاة!
‏17 شهرا أي منذ بداية عاصفة الحزم. ما قبل الحرب كانت حياتي مزعجة، كنت مهملا في صلاتي، كنت أرى الحياة تذكرة طيران لأي دولة، وكان العمل هو الشيء الوحيد الذي يربطني بالرياض.
‏بدأت مهمتنا في تاريخ 1436/7/2هـ، وفي أول يوم من الحركة من الرياض إلى نجران صليت الصلوات الخمس في جماعة.
‏وصلنا نجران، ‏وأنا لا أعلم ما هي الحرب، وما هو الشعور في أن تفقد الأمن، وأن تفقد صديقا، وأن تبتعد عن حبيب، وأن تنظر لبعيد.. هناك في الرياض أتممنا شهرا وسمحوا لنا مشكورين بإجازة ‏عشرة أيام، انطلقت من نجران للرياض ووصلت لمنزلي وأنا أنظر فيه متأملا جماله وجمال الحي الذي كنت لا أطيق البقاء فيه قبل ذهابي للجبهة، رحبت بي عائلتي، وتأملوا التعب الذي حل بي، وأشفقوا علي والتزموا الصمت، وانطلقوا في حديث آخر بعيدا عن الحرب وأنا مستمتع من هذا الحديث الذي كنت أمل منه بالماضي، واكتشفت أن الحياة جميلة جدا بصلاتي، ‏وبقربي من عائلتي، ‏وتواصلي مع أصدقائي، وفي أدق تفاصيل حياتي أنظر لها وأنا مستمتع.. تجربة الجبهة جعلتني أشعر أني أولد من جديد، ولذا فأنا فعلا عمري 17 شهرا.
‏بداح بن طلال الفغم

انتهت الرسالة.. وأطال الله عمر حبيبي بداح حتى 100 سنة و17 شهرا!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي