المفحط «مجرم» وليس مخالفا
ظاهرة التفحيط المنتشرة بشكل كبير في السعودية، التي جعلتنا من أكثر الدول في العالم ممارسة لها، لا تطول "المفحط" والمتجمهرين ومركباتهم فقط، بل لها إفرازات عدة، فهي السبب الأول والرئيس لظاهرة سرقة السيارات المنتشرة أيضا في مجتمعنا، إضافة إلى الإضرار بالممتلكات والنفس البشرية من المارة، كما أنها مشجعة أيضا على تعاطي المخدرات، فأكثر من دراسة كشفت عن ارتباط مباشر بين التفحيط وتعاطي المخدرات.
ومن هنا جاء التصدي لتلك الظاهرة من أقوى سلطة في البلد ألا وهي مجلس الوزراء، الذي أقر في جلسة أمس تعديلات على أنظمة المرور المتعلقة بظاهرة التفحيط، حيث تمت مضاعفتها إلى 20 ضعفا، وتغليظ العقوبات بشكل تصاعدي من الغرامة إلى الغرامة المغلظة، وصولا إلى السجن ومصادرة المركبة.
كان لا بد من تلك القوانين وفرض الأنظمة بالقوة لوقف سيل الدماء والإضرار بالناس والممتلكات، فكم من نفس بريئة لقيت نحبها بفعل تلك الظاهرة وكم من ممتلكات أتلفت دون وجه حق ودون عقوبات رادعة لمن تسبب في ذلك.
قرارات مهمة نأمل أن تضع حدا لتلك الظاهرة وتجتثها من جذورها، وأن تسهم في تطهير شوارعنا ومياديننا منها، وأن تحفظ حقوق الفرد والمجتمع والممتلكات والأرواح، فهولاء العابثون والمتهورون من المفحطين لا يجدي معهم نصح أو توعية ولن يوقفهم إلا قوة النظام وتطبيقه على الجميع دون الرضوخ للواسطة أو الشفاعة.
لا شك أن تلك الخطوة التي أقرها مجلس الوزراء بحق المفحطين مهمة جدا، ولكن يجب أن تصاحبها مراقبة ومراجعة، فإن لم تسهم بما نأمله في وقف تلك الظاهرة، فيجب أن نعيد النظر في القرارات، وأن نحول تلك الظاهرة من مخالفة مرورية، إلى "جريمة" تحال للمحاكم لتفصل فيها بعقوبات أكثر ردعا وصرامة.
نعم هي جريمة.. ويجب أن ننظر لها بهذا المنظور إن لم تفلح عقوباتنا المرورية في ردع مرتكبيها، هي جريمة بحق المفحط وماله وأنفس المتجمهرين والمارة والممتلكات العامة والخاصة، والمقاطع التي نشاهدها وتنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد ذلك.