نظام خامنئي غاسل الأموال الأكبر
ليس غريبا إحجام المؤسسات الغربية عن التعامل مع إيران، على الرغم من رفع غالبية العقوبات الغربية عنها في أعقاب الاتفاق النووي، الذي ما زال محل شك حتى عند رئيس النظام الإيراني علي خامنئي نفسه. وهذا النظام حمل الولايات المتحدة في كل المناسبات مسؤولية تردد المؤسسات المذكورة في التعامل مع طهران، على الرغم من تأكيد السلطات الأمريكية أنها لا تمنع جهة من التعامل مع إيران، طالما أن التعامل ضمن النطاق الذي حددته آليات رفع العقوبات، بل إن جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، قام أخيرا بجولة على البلدان الأوروبية، شدد خلالها على أن بلاده لا تقف حجر عثرة في طريق تعاملات المؤسسات الأوروبية معها. فالمسألة لا تتعلق بالقرارات الأمريكية غير الموجودة في الواقع، بل في سمعة وسلوكيات وتصرفات وأفعال إيران على الصعيد المالي، ولا سيما بقاؤها في قائمة البلدان الأكثر غسلا للأموال.
تعرف المؤسسات والشركات، أنها لا تستطيع أن تمضي قدما في التعامل المالي مع هذا البلد، لأن هناك كثيرا من "السراديب" المالية لا تزال تمثل المحور الرئيس للاقتصاد الإيراني، وهذه المؤسسات لا ترغب في الوقوع مجددا في هاوية العقوبات والغرامات والمحاكمات، التي اكتوت بنارها بالفعل في السنوات الماضية، بعد أن تبين للسلطات الأمريكية أنها تعاملت مع إيران، ليس فقط في عز وجود العقوبات الدولية عليها، بل أيضا تعاطت مع جهات إيرانية أو محسوبة على إيران، تقوم بعمليات غسل أموال، بما في ذلك الأموال المتأتية من المخدرات والاتجار بالسلاح والتهريب، وغير ذلك من الأعمال غير المشروعة. يضاف إلى ذلك، أن نظام الملالي يوفر كل الدعم المالي لسلسلة من العصابات الإرهابية في هذه المنطقة أو تلك.
لا عجب، في احتلال إيران بنظامها العدواني الشرير المركز الأول للسنة الثالثة على التوالي، ضمن قائمة "مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال"، وهو مؤشر يصدر سنويا بعد سلسلة عميقة من البحوث والدراسات وجلب المعلومات من 149 بلدا. المشكلة ليست في الولايات المتحدة ولا في البلدان الغربية التي لا تزال تنظر بعين الريبة إلى إيران حتى بعد الاتفاق النووي المضطرب، ولا حتى في الإجراءات التي أبقتها واشنطن في هذا الصدد، وهي لا تشمل الشركات الغربية غير الأمريكية. المشكلة بكل بساطة تتعلق بنظام لا يمكنه الاستمرار دون الاعتماد على عمليات غسل الأموال المشينة لتمويل أعماله التخريبية في هذا البلد أو ذاك، فضلا عن دعم المنظمات والعصابات التي تقوم بأعمال إجرامية لمصلحته.
لقد ثبت (على سبيل المثال)، أن حزبا إرهابيا كحزب الله الإيراني في لبنان، يقوم منذ عقود بتمويل أعماله الإجرامية من دعم إيراني مباشر، فضلا عن قيامه بعمليات غسل أموال مختلفة، تعتمد بالدرجة الأولى على تصدير المخدرات ليس لدول المنطقة فحسب، بل للولايات المتحدة والبلدان الأوروبية. وهكذا يفعل الحوثيون في اليمن وعصابات إيران في سورية والعراق. ومؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال واضح ويستند إلى معلومات دقيقة للغاية، الأمر الذي وضع سدا عاليا أمام أي نشاط تجاري قد تفكر فيه هذه الشركة الغربية أو تلك مع النظام الإيراني الخبيث. لقد ضبطت السلطات في دول الخليج العربية على مدار أشهر عديدا من عمليات غسل الأموال على أراضيها قام بها موالون لإيران.
أي أن العمليات المشينة تشمل كل المناطق. وعلى هذا الأساس، سيجد نظام علي خامنئي صعوبة كبيرة في إقناع المؤسسات التجارية الغربية الشرعية في العمل معه، لأنه ببساطة نظام لا يعمل إلا بالطرق غير الشرعية. ويرسم استراتيجية الخراب وفق أسوأ المصادر المالية قاطبة.