لنوطن وظائف الحكومة أولا
لا بأس لو استعان القطاع الحكومي بعاملين أجانب أصحاب قدرات عالية وإمكانات كبيرة وتخصصات نادرة، ولكن أن يستعين بأجانب بشهادات متدنية وقدرات ضعيفة.. هنا لا بد أن يظهر أمامك أكثر من علامة تعجب، وتسأل نفسك: لماذا..؟ ولا تجد إجابة.
نسعى لتوطين وظائف القطاع الخاص، وتبذل وزارة العمل جهودا كبيرة في هذا الشأن، ولكن المحبط أن تكون وظائف القطاع الحكومي، وهو الأولى بالتوطين، لا تزال نسب العمالة الأجنبية فيها عالية.
توقفت كثيرا بالأمس وأنا أقرأ إحصائية نشرتها صحيفة "الاقتصادية" وتشير إلى أن 6536 موظفا أجنبيا من حملة شهادة الثانوية يعملون في القطاع الحكومي! رقم كبير يدعو إلى الاستغراب والتعجب.. والاحتقان أحيانا .. نعم، فهذا الأمر محفز لـ"الاحتقان" خاصة من قبل العاطلين عن العمل، فمن سيقرأ الإحصائية، سيسأل نفسه: لم أنا محروم من تلك الوظائف؟ وبماذا يتميز عني الأجنبي صاحب الشهادة الثانوية ليتم توظيفه وأنا عاطل أبحث تارة عن عمل، وتارة أخرى عن "حافز"؟
قلبت الأمر في رأسي كثيرا، "وحركت مخي مرارا" لعلي أجد مبررا واحدا لوجود هذا العدد الكبير في القطاع الحكومي، ومع الأسف الشديد لم أجد، فغير معقول أن يكون هؤلاء بلا بديل سعودي، وأن تلك الجهات لم تجد مواطنين قادرين على شغل تلك الوظائف خاصة أن حملة الشهادة الثانوية من المواطنين يملأون البيوت بلا عمل.
دعك من هؤلاء الموظفين الأجانب في الوزارات والهيئات، ولنتحدث عن الكارثة الأكبر، هل تعلم عزيزي القارئ أن القطاع الصحي الحكومي يضم أكثر من 35 ألف ممرض وممرضة من الأجانب، في حين الآلاف من السعوديين يحملون التخصصات نفسها ولم يجدوا من يستعين بهم ويوظفهم رغم أحقيتهم بخيرات بلادهم.
آلاف من السعوديين من خريجي الدبلومات الصحية، بعضهم تخرج في أعرق الجامعات السعودية، وآخرون تحملوا عناء الغربة وذهبوا للدراسة في الخارج وعادوا بشهاداتهم ولم يجدوا من يستعين بهم في القطاع الصحي الحكومي رغم صدور أمر ملكي عام 2014 يأمر بإحلالهم مكان الأجانب.
طبعا لا يمكن أن يقول "عاقل" إن وزارة الصحة وهي تستعين بهذا العدد الهائل من الأجانب في جميع التخصصات وتتجاهل السعوديين تبحث عن الجودة العالية، فما نشاهده ونحن نرتاد المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية مجرد خدمة رديئة، وعناية سيئة، وتشخيص أسوأ.
علينا أن نبدأ أولا في توطين وظائف القطاع الحكومي، وأن نشرع في إحلال السعوديين مكان الآلاف من الأجانب، قبل أن نبدأ في الضغط على القطاع الخاص ونطالبه بتوطين وظائفه، كي يقبل بأهداف التوطين وألا ندفعه للتحايل على الأنظمة من خلال "السعودة الوهمية".