رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تاريخ الطائف

أذكر في سن طفولتي أن مدينة الطائف كانت مركزا تجاريا ابتداء من شهر شوال. كان الحجاج يأتون من دول آسيا ـــ بالذات ــــ محملين بأجمل ما تنتجه بلادهم من المفروشات والملابس والأعمال الحرفية. تعرض تلك المنتجات ـــ وقتها ــــ على أراضي منطقة الركبان، وهي قريبة جدا من قصر شبرا التاريخي، وهو الآخر جزء من تاريخ المنطقة المهم.
الواقع أن المنطقة المحيطة بتلك السوق الموسمية تعج بالتاريخ والآثار, فالطائف ظلت على مدى قرون طويلة بوابة شرقية للبلد الحرام، ومن المشرق كان يأتي شعراء وحجاج يمثلون ثقافات وحضارات مختلفة.
يؤسفني أن منطقة الحراج الكبرى لم تصلها يد حانية قبل أن تحتلها المحال التجارية والمصارف والعمائر السكنية التي أفقدت الطائف واحدا من أهم معالمها التاريخية. الركبان لم تعد مكانها، والشباب المتفجر ذكاء من أبناء حي اليمانية تحولوا إلى مدن أخرى وقد حصلوا على أعلى الشهادات، بعد أن كانوا المترجمين للحاج في عمليات المقايضة على البضائع التي ما يزال جمالها يحتل ذاكرتي، الواقع أن والدي ـــ يرحمه الله ـــ احتفظ بواحدة من قطع الأثاث وهي سجادة من الصوف وورثتها عنه، وجمالها لم يختلف حتى اليوم.
هذه المدينة التاريخية بحاجة إلى مزيد من العناية لتجذير شخصيتها في عقول النشء، وهو أمر يبدو أن سوق عكاظ قادرة على أن تحققه من خلال مزيد من البحث والتمحيص في تاريخ المحافظة سواء في الجاهلية أو عصور الإسلام الأولى والمتأخرة.
يمكن أن تعمل اللجان الثقافية على تكوين طريقة مثالية لتوثيق تاريخ المحافظة من خلال دعم المؤلفات التي تناقش هذا التاريخ وتبحث في الدور الكبير لهذه المحافظة وعلاقتها المتجذرة في مكة المكرمة والبيت العتيق.
يمكن أن تعمل اللجان المتخصصة بالتعاون مع جامعة الطائف لوضع علامات واضحة تشير إلى المعالم التاريخية التي تحويها المحافظة تشرح الأحداث وتروي قصص الأشخاص والأماكن، يمكن أن تدعم تلك اللوحات برسوم وصور تقرب المفاهيم التي تحكيها وتربط بين القارئ والأحداث التي أبرزت المكان.
المهم أن نوجد صورة حقيقية تعيد لذهن المتابع كل ما يحويه المكان بأعلى درجات الدقة والشفافية والأمانة التاريخية. يتم هذا إلى جانب العمل على حماية المكونات التي ما زالت عصية على التغيير أو الاندثار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي