رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المرور والتزام السائق

عطفا على المقالين السابقين، ناقشني صديق أعتز به. قال لي: نحن نلوم المرور على التقصير، الذي أدى إلى تفاقم الحوادث المرورية. وهذا أمر واقع. ونتطلع إلى أن يتغير الواقع إلى الأفضل. وننتظر أن يحل الحزم المروري الإشكال الحاصل.
ولكن علينا أيضا ألا نتناسى أن العقلاء المؤثرين تقع عليهم مسؤولية. الارتهان لفكرة تقصير المرور فقط، لا تتسق مع المنطق. لدينا كأفراد تجاوزات مخجلة. هذه ناتجة عن حالة لا مبالاة، وعدم تقدير للأخطار. وهناك نوعية من السائقين تستحوذ عليهم فكرة الفتوة والقوة والاعتداد بالنفس والشعور أنه سائق محترف، وأنه لا يمكن أن يقع في خطأ مميت. هو ينشر الرعب في السائقين من حوله، ويضحك ملء شدقيه، لأنه يعتقد أنه قوي وخطير. ما أكثر من كانوا يؤمنون بقوتهم ومهارتهم، ثم أصبحوا سكانا للقبور، أو ملازمين لمستشفيات النقاهة، إما في حالة إغماء أو حالة علاج طويل الأمد.
هذا النزف لم تردعه توعية، ولا وعظ ديني، ولا قصص وحكايات الفقد التي طالت كثيرا من البيوت. هذه القصص اليومية عن حوادث المرور، يواكبها نزف وهدر اقتصادي مستمر. وبين هذه وتلك تتقاطر الآمال أن يتوقف هذا النزف. ويبقى السؤال أين المرور، مقترنا بسؤال أهم هو: ما دور المواطن والمقيم في الحفاظ على سلامته وسلامة سواه؟
الحقيقة أنه ليس بإمكان أحد التعويل والرهان على الوعي ولا الوازع. ذلك أن عدم معاقبة من يخطئ، تجعل حتى من يلتزم بالنظام يتعرض للمضايقة من المتجاوزين. هذا يدفع البعض لمجاراة واقع ومنطق الشارع، وتجاوز السرعة المحددة، أو حتى ارتكاب الأخطاء التي يرتكبها الآخرون.
حتى لو تحقق في الشارع التزام يتجاوز ٩٠ في المائة‏ يبقى 10 في المائة يحتاجون إلى من يكبح جماحهم ويعاقبهم.
انتهى كلام الصديق العزيز المتفهم.
ولكن من المؤلم حقا، أن الحوادث المرورية المفضية للأذى تبقى مجرد حوادث مرورية، ولا يتم التعامل معها باعتبارها جريمة عن سبق إصرار وتعمد. من يقطع الإشارة ويقتل إنساناً، ثم يخرج بمجرد دفعه للدية، لا يمكنه أبدا أن يعي حرمة أرواح البشر. وسوف يكرر جريمته مرة أخرى.
هنا تظهر الحاجة إلى تهيئة المناخ لتحويل الالتزام المروري إلى سلوك، ومعاقبة أي تجاوز. وعندما تتحقق هذه المسألة تصبح قيادة السيارة متعة، لا رحلة تفضي إلى الهلاك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي