رؤية المملكة 2030 في نظر «صندوق النقد»
أعاد صندوق النقد الدولي التركيز على الأهمية الاستراتيجية لـ "رؤية المملكة 2030". وهذا الاهتمام من جانب المؤسسة الدولية الكبرى، هو استمرار لقناعاتها أن "الرؤية" ستوفر الآليات اللازمة للاقتصاد السعودي في مواجهة كل المتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية. كما أنها تأتي في الوقت الذي تقوم فيه المملكة ببناء اقتصاد وطني جديد، يأخذ في الاعتبار المتغيرات والاستحقاقات، والأهم أنها جاءت في نطاق تحول جوهري كبير على الصعيد المحلي، بما يحتويه هذا التحول من خطط جريئة للإصلاح. المرحلة الراهنة لم تعد تشبه تلك التي كانت سائدة سابقا، خصوصا مع التراجع التاريخي لأسعار النفط الذي كانت المملكة تعتمد عليه كمصدر أول للدخل الوطني على مدى عقود. فالأمر لم يعد كذلك في الوقت الراهن.
لا شك في أن "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها، جذبا اهتمام المؤسسات المالية الدولية الكبرى، إضافة إلى الشركات العملاقة، ليس فقط من زاوية التحول الاقتصادي التاريخي، بل أيضا لدخول السوق السعودية، في أعقاب سلسلة من القوانين والتشريعات الجديدة التي فتحت المجال للاستثمارات التي تصب بدورها في هيكلية "الرؤية". وهي استثمارات تنموية تشكل جزءا من الحراك الاقتصادي العام المتجدد في المملكة. وبدا ذلك واضحا من خلال إعلان مجموعة من الشركات نياتها دخول السوق المحلية، ولا سيما أن مثل هذا التوجه يحظى بدعم هائل من أعلى هرم الحكم في المملكة، ويتولى الإشراف عليه مباشرة ولي ولي العهد، الذي وضع مستقبل البلاد وازدهارها على رأس كل الأولويات.
تأكيدات صندوق النقد الدولي، بأن "الرؤية" ستسهم في تعافي الاقتصاد السعودي خلال العام المقبل، تسير في سياق تأكيدات كثير من الجهات الدولية على أن المخططات السعودية الاقتصادية الراهنة ستوفر مزيدا من الضمانات لاقتصاد البلاد الجديد. كما أنها ستسهم بصورة مباشرة في خفض العجز في الموازنة العامة، وهو أمر توليه المملكة أهمية كبيرة مع تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية. دون أن ننسى، أن الاحتياطيات الرأسمالية في السعودية مرتفعة، والقروض المتعثرة التي يعانيها كثير من البلدان منخفضة، والآليات التشريعية في التقليل من آثار هذا النوع من القروض أعطت ثمارها بالفعل في فترة زمنية وجيزة. أي أن الساحة مهيأة لكل الخطوات التي توجهها "الرؤية" ومعها برنامج التحول.
والمملكة اتبعت سلسلة من الوسائل لسد العجز في الموازنة العامة، من خلال السحب من الودائع والاقتراض الأرخص. وهذا الأمر وفر سندا قويا للاقتصاد في العامين الماضيين، وتحديدا في أعقاب بدء انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية. يضاف إلى ذلك، أن الاستثمارات السعودية الخارجية تشكل مصدرا آخر للأمان المالي الوطني، وهي موظفة بطرق مختلفة تدعم الجهود في البلاد الخاصة بالتحول العام. ولأن "رؤية 2030" شاملة وتحاكي المستقبل، فإنها تتضمن خططا محورية في تنويع مصادر الدخل، من خلال زيادة حصة القطاعات غير النفطية في البلاد. وقد بدأت آثار هذا التوجه تظهر على الساحة، من خلال دعم حراك القطاع الوطني الخاص، فضلا عن التسهيلات الكبيرة لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الخارجية في مختلف القطاعات. فقد أثبت الوضع العام في المملكة حاليا وجود أكثر من 18 قطاعا قابلا لجذب الاستثمارات المحلية الخاصة والأجنبية الخارجية.
ليس هناك أفضل من تأكيدات مؤسسة كصندوق النقد الدولي على أهمية ومحورية "رؤية المملكة 2030". فهذه المؤسسة لا تتبع عادة مواقف دبلوماسية في قراءاتها لمستقبل الاقتصادات العالمية .