رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


«الرياضة» وجودة الخدمات الصحية

من أكثر أسباب انخفاض جودة الخدمات الصحية إلى المستويات دون المعيارية التي ترفع عدد الشكاوى بشكل كبير ارتفاع الطلب عليها مقابل محدودية العرض خصوصا لدى مراكز الرعاية الأولية والمستشفيات الحكومية ولذلك وفي سبيل الوصول لمستويات الجودة المعيارية وضعت منظمات الصحة العالمية مؤشرات قياسية لحجم العرض مقابل الطلب للاسترشاد بها من قبل الجهات المعنية بجودة الخدمات الصحية ومستواها وانتشارها في المدن والقرى.
ومن أكبر أسباب ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية غياب أسباب الوقاية من الأمراض بجميع أنواعها، ولذلك تحرص الدول كافة على توفير جميع أسباب الوقاية من الأمراض للفئات العمرية كافة منذ الطفولة حتى الشيخوخة بما يسمى الطب الوقائي.
ولقد بات الخمول والعادات الغذائية السيئة من أكبر أسباب السمنة وأمراض العصر كالسكري والضغط والأمراض الناشئة عنهما وكذلك أمراض القلب والأوردة والشرايين وضعف عضلات الجسم وما يترتب عليها من أمراض في العمود الفقري والمفاصل، وبالتالي فإن الوقاية من الخمول والعادات الغذائية السيئة باتت من أهم أسباب الوقاية من أمراض العصر التي ترفع الطلب على الخدمات الصحية بشكل كبير.
يقول أحد الأصدقاء ممن لديهم خبرة في مجال رفع جودة الخدمات الصحية من خلال رفع مستوى الوقاية والاكتشاف والتدخل المبكر للأمراض: لو كنت مسؤولا في وزارة الصحة لعقدت شراكة مع هيئة الرياضة ووزارة الشؤون البلدية والقروية دون تأخر لغرض رفع جودة الخدمات الصحية لأعلى درجة ممكنة، ولعقدت شراكة مع المديرية العامة للمرور للهدف ذاته إذ إن معظم المرضى الذي يضغطون على العيادات ويشغلون الأسرة هم ضحايا الخمول وعدم ممارسة الرياضة والمقرون بالعادات الغذائية السيئة من ناحية ومن ضحايا حوادث المرور من ناحية أخرى.
قلت له أما المرور فالقضية واضحة والإحصائيات تثبت ارتفاع أعداد ضحايا ومصابي حوادث المرور، حيث يشغل مصابوها نحو 25 في المائة من أسرّة مستشفيات وزارة الصحة عطفا على ارتفاع نسبة الحوادث وعلى طول مدة علاج مصابيها الذين عادة ما يصابون بعاهات أو إعاقات مزمنة تتطلب جميع أنواع العلاجات بشكل مستمر، ويبدو لي أن مشكلة حوادث السيارات تتقاذفها عدة أجهزة حكومية لجهة الأسباب والمعالجة كمديرية المرور، ووزارة النقل، وأمانات وبلديات المدن.
وقلت له إنه من الواضح أن الحلول الحاسمة ما زالت بعيدة المنال وبالتالي فإن أي جهود لوزارة الصحة لتكوين شراكة مع المديرية العامة للمرور في هذا الاتجاه لن تحقق نتائج ملموسة ولقد ثبت ذلك من نتائج حراك مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة الذي حاول جاهدا للحد من الإعاقات الناشئة عن حوادث المرور التي تمثل نسبة عالية من أسباب الإعاقات في المملكة وفق دراسة لشركة أرامكو أشارت إلى أن عدد المصابين سنويا بحسب الإحصاءات الرسمية 40 ألف إصابة، 30 في المائة منها إعاقات دائمة، أي ما يعادل 35 معوقا يوميا، وألف معوق شهريا.
وبالتالي فإنه من الأفضل لوزارة الصحة التركيز على بناء وتفعيل شراكة حقيقية مع هيئة الرياضة ووزارة الشؤون البلدية والقروية لتوفير الملاعب لجميع أنواع الرياضات بما في ذلك رياضة المشي في جميع الأحياء وتمكين وتشجيع المواطنين والمقيمين على ممارسة لعبة رياضية أو أكثر للحد من الخمول البدني وما يترتب عليه من مشكلات صحية، حيث تشكل التمارين الرياضية البدنية طبا وقائيا في مواجهة أمراض العصر التي تهدد نسبة كبيرة من أفراد المجتمع خصوصا جيل الإلكترونيات الذي يجلس ساعات طويلة بشكل خاطئ ودون حراك لممارسة الألعاب الإلكترونية أو تصفح المواقع.
تشير الأرقام إلى أن البدناء في المملكة يكلفون أكثر من 500 مليون ريال سنويا بسبب ترددهم على المستشفيات لعلاج أمراض سببها المباشر هو زيادة الوزن، ولعل أكثرها مرض السكري الذي ينتشر بينهم بشكل كبير وهو مرض يعد مفرخة لمزيد من الأمراض ذات الصلة. وتشير دراسة نشرها المختص السعودي الدكتور فؤاد نيازي أن معدلات السمنة في السعودية ارتفعت بنسبة 30 في المائة خلال السنوات العشر الأخيرة وهي من أعلى المعدلات في العالم خاصة بين النساء. وأوضحت الدراسة أن أهم أسباب السمنة والإفراط في الأكل وخاصة الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والأكل بين الوجبات وقلة الحركة.
ويجب أن تقوم فلسفة الشراكة بين وزارة الصحة وهيئة الرياضة ووزارة الشؤون البلدية والقروية على رفع جودة الخدمات الصحية بالتزامن مع رفع جودة حياة المواطنين ورفع إنتاجيتهم بالتوجه للدائرة الكبرى وهي دائرة الأصحاء التي تغذي الدائرة الصغرى وهي دائرة المرضى بهدف الحد من معدلات ارتفاع عدد المرضى بوقاية دائرة الأصحاء من المرض وذلك من خلال تعزيز مفهوم الرياضة كأسلوب حياة يساعد على مكافحة الخمول البدني وزيادة القدرة على التصدي للأمراض البدنية والنفسية وخصوصا أن ممارسة الرياضة في أماكن مجهزة ومحفزة تسهم بشكل كبير في تحسين المزاج والحد من حالات الاكتئاب وما يترتب عليه من مشكلات لا تعد ولا تحصى.
يقولون إن وزارة الصحة محرقة الناجحين لأنهم مهما بذلوا من جهود فلن يستطيعوا تحقيق الجودة المنشودة التي ترضي المواطن لجهة جودة العلاج وقصر المواعيد التي باتت تمتد لأشهر طويلة، وبكل تأكيد لن تتحقق الجودة المنشودة ما دامت دائرة الأصحاء تقذف المرضى على دائرة المرضى بشكل متزايد وبالتالي فإن شراكة حقيقية لرفع معدلات الوقاية من الأمراض من خلال ممارسة الرياضة كأسلوب حياة للأطفال والشباب والكبار من الرجال والنساء باتت ضرورة ملحة.
ختاما أتطلع إلى مبادرة من قبل الدكتور توفيق الربيعة وزير الصحة لبناء شراكة حقيقية فاعلة مع هيئة الرياضة توفر وزارته كل أسباب نجاحها خصوصا التمويل المالي حيث إن هيئة الرياضة مهتمة حاليا بشكل كبير ببرنامج الرياضة للجميع إلا أن المعوقات المالية تحد من نجاحها في ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي