التفكير بأثر رجعي
في طريقك في الحياة ستضع أهدافا وخططا وستظل تراجعها يوميا، وتسعد حين يتحقق أحدها وتصاب بالحزن العميق إن أخفقت في الإنجاز، وفي ظل انشغالك بذلك واندفاعك نحو ما ترغب فيه بشدة، ستنسى أنك ترفل في نعم كثيرة ربما كانت واحدة منها تفوق قيمتها كل ما كنت تخطط وتسعى له في نهاية الأمر، هذا النسيان يجرك لعدم تذكر قيمة تلك النعم واستشعار فضل الله عليك بها!
ـــ مهما كانت الدروس التي تعلمتها بين جدران مدرستك وجامعتك فلن تكون بذاك التأثير العميق الذي تمنحك إياه دروس الحياة، لأن الأخيرة تطحنك بين رحى المعاناة ثم تقدم لك الدرس الذي سيشكل لك خبرة تعود إليها حين يصادفك درس مماثل وهنا يكمن الفرق الحقيقي!
مهما كانت أهدافك وخططك وأحلامك التي تطمح إليها، لن تغدو ذات قيمة حين تشعر بسياط المرض تلسع جسدك فتشعر بالألم والوهن يدب بين عروقك، فتتساوى في عينيك كل ألوان العالم حتى تصبح مجرد لون رمادي باهت، ويصغر عالمك فلا ترى منه إلا سريرا أبيض وعقارب ساعة لا تكاد دقائقها تسير، وصمت يسكن بين جدران غرفتك في المستشفى إلا من وقع خطوات ممرضات يراقبن المحاليل المعلقة في وريدك بين الفينة والأخرى، وحين تنتهي الزيارة ويلتحف مرافقك فراشه وتطفئ أنوار الغرفة الباردة، ستكون مع نفسك وبداخلك ألف علامة استفهام واستفهام تسبح بين أروقة عقلك.. كيف لم أستشعر قيمة الصحة التي كنت أرفل فيها؟! كيف لم أدرك كم كنت محظوظا؟! لم قصرت في شكر الإله عليها؟! لماذا لم أنخرط في جماعة تطوعية لزيارة المرضى؟! لِمَ كنت أشعر بالحزن وأنا أقارن نفسي بغيري ممن يمتلكون المال والمنصب والأملاك؟! وتظل الأسئلة تدور في رأسك حتى تصل لقناعة تامة بأنه في هذا العالم لا شيء يعدل قيمة الصحة.. ولو كنت تملك مال قارون وفقدت صحتك يوما واحدا لتمنيت أنك أفقر أهل الأرض جميعا ولكنك تتمتع بصحتك!
ـــ إن شعرت بالمرض يتسلل إلى جسدك فابتهج فإنما هي رسالة من الله بأنه يحبك لكنه يريد لروحك أن تكون أنقى وأطهر وأقرب إليه!
ـــ لو استشعرت قيمة صحتك، لأدركت أن أغلب ما تطمح إليه هو كماليات مادية ستكون مجرد لون رمادي لا بهجة فيه حين تمرض!
وخزة
يقول أبقراط (الرجل الحكيم هو الذي يعتبر أن الصحة هي أعظم نعمة للإنسان).