تجارة الرؤوس
قد نتخذ لهم عذرا فيما يفعلون فقد كان أغلب من يمارس قطع الرؤوس شعوب همجية متوحشة قضت جل وقتها في الحروب، ولكن ماذا نقول عن من حولها إلى تجارة ما زاد من وحشية وبشاعة هذه الجريمة وحولها إلى تجارة رائجة؟!
فمن تلك الشعوب من مارس قطع الرؤوس البشرية كنوع من استعراض القوة وسبيل للتفاخر، كان عالما وحشيا بكل معنى الكلمة تم اكتشافه مع وصول المستعمر الأوروبي في القرن الـ 17، كان يكفي لشخص أن يضل طريقه في إحدى هذه الجزر والأدغال المجهولة لينتهي به المطاف كوليمة شهية لأفراد قبائل الـ "كوروايا" الوحشية في جزر غينيا أو أن يتدلى رأسه كتحفة جمالية في أحد بيوت قبائل "ألن كوت" في الفلبين أو أن تقدم جمجمته كمهر لعروس جميلة لدى إحدى القبائل البربرية في تايوان.
ولإيمانهم بأن طاقة الإنسان وقوته تتركز في رأسه حرص الإنسان منذ الأزل على الاحتفاظ برؤوس أعدائه كوسيلة لاكتساب قوته ومكانته التي تزيد بزيادة عدد الرؤوس التي يمتلكها و يعلقها بكل فخر أما باب كوخه!
أما قبائل الماوري في نيوزيلندا فقد تميزت رؤوس زعمائهم ومحاربيهم عن غيرهم بوجود الوشوم التي تغطي وجه الرجل كاملا والجزء السفلي من وجه المرأه ذات المكان الرفيع فقط وغير مسموح للعامة بالوشم المعروف بـ (موكو) الذي يحول وجه الرجل إلى لوحة فنية يعتقد الرائي اليوم أنها مجرد ضرب من ضروب الجنون بينما كل خط أو نقش فيها له دلالة معينة، هناك خط يدل على انتماء الشخص القبلي، وخط يدل على زعامته، ونقش يدل على شجاعته، وآخر على الأعمال التي قام بها، فوجه الرجل يحمل تاريخه وسيرته الذاتية كاملة ويعتبر جواز سفره ويحدد طريقة تعامل الناس معه ودرجة احترامهم له!
ولا تقف أهمية الرأس الموشوم (موكوموكايا) في حياته فقط، فبعد موت الرجل يقطع رأسه وتخلع عينيه ويزال مخه ثم يبهر ويعالج ويجفف في الشمس ليعود كما كان وتحفظ الرؤوس في صناديق خشبية لحين استخدامها والتفاخر بها في الاحتفالات أو استمداد القوة منها في الطقوس الدينية.
بعد دخول المحتل الأوروبي تحولت هذه الرؤوس إلى أحد أبشع أنواع التجارة لكي يزين بها الأوروبي قصره أو يبيعها لأحد المتاحف بأغلى الأثمان وأشهرهم الضابط البريطاني (هوانيو روبلي) ما دفع أفراد القبيلة إلى وشم وجوه العبيد وأسرى الحرب ومن ثم قطع رؤوسهم وتجفيفها لبيعها لتجار الرؤوس!
واليوم ينادون بحقوق الإنسان ويتهمون العرب والمسلمين بقطع الرؤوس وتاريخهم ملوث بالدماء!