شفافية الحوكمة ركن في جذب الاستثمار الأجنبي
هزت المشاكل التي طالت الصندوق السيادي الماليزي أوساط عالم المال والأعمال في العالم، بل وصل الأمر إلى عالم السياسة حين حث البيت الأبيض ماليزيا على أن تبرهن على أن لديها حوكمة رشيدة وبيئة أعمال شفافة. فقد تعرض الصندوق السيادي الماليزي لمشاكل وصلت إلى حد رفع دعاوى قضائية من ممثلي ادعاء أمريكيين لاستعادة أصول بقيمة تتجاوز مليار دولار يدعون أنها سرقت من الصندوق السيادي الماليزي. وهكذا فإن مسألة فساد الصناديق السيادية قد تمس الحالة السياسية لأي دولة بطريقة أو بأخرى، والفساد مشكلة خطيرة تأثر بها عديد من دول العالم والحل دائما هو تطبيق أفضل مستويات الحوكمة والشفافية. ففي المسألة الماليزية قال المتحدث باسم البيت الأبيض إن أوباما تحدث بشكل عام مع رئيس الوزراء الماليزي أثناء زيارته الأخيرة لماليزيا العام الماضي بشأن الحاجة إلى الشفافية والحوكمة الرشيدة. وإن المهتمين في قطاع الأعمال يتطلعون للبحث عن دلائل على أنه توجد بيئة أعمال جيدة.
إذا فإن بيئة الأعمال الجيدة في نظر المستثمرين تحصل على دلائل وجودها من تطبيق أعلى معايير الحوكمة الرشيدة وأعلى مستويات مقبولة من الشفافية. وفي عالم يعاني بشدة مستويات مرتفعة من الفساد واتهامات بجرائم غسل الأموال فإن استكمال بنية الحوكمة الجيدة والشفافية في أي دولة يحقق لها فرص النجاح في استقطاب الشركات العالمية. فالشركات العالمية تهتم اليوم وتدرس – كما أشار المتحدث باسم البيت الأبيض – مدى الالتزام بالشفافية والحوكمة الرشيدة والقواعد التي من شأنها أن تشجع الناس الذين يدرسون الاستثمار على أن تكون لديهم الثقة بأنهم يستطيعون أن يستثمروا بشكل عادل، وهذا يعني أن تتاح المعلومات الجيدة عن الحوكمة في المواقع التي يهتم بها المستثمر الأجنبي وأن تتاح له معلومات وافية تسمح له بتقييم الفرص العادلة، كما يجب أن تتحقق له فرص التأكد من تطبيق هذه القواعد على أرض الواقع. فإذا وجد المستثمر صعوبات في فهم بيئة الأعمال أو معرفة كيف تدار مع غياب في المعلومات أو إغراق فيها بطريقة تعجل من الصعب عليه الحصول على المعلومة فالنتيجة دائما معروفة. لقد بينت مشكلة الصندوق السيادي الماليزي واهتمام الولايات المتحدة المباشر به، أن الحوكمة مسألة جادة، تعكس مدى جدية الحكومات في مكافحة الفساد، وأن الفساد مع غياب مستويات مرضية من الشفافية والحوكمة الجيدة قد تتسبب في متاعب سياسية فضلا عن المتاعب الاقتصادية الملازمة له.
ولأن المملكة تسعد اليوم بقيادة خادم الحرمين الشريفين إلى تحقيق «رؤية المملكة 2030» التي تتضمن ضخ مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية في مفاصل الاقتصاد حتى يتحرر من قيد الاعتماد على النفط، كما شملت تأسيس أكبر صندوق سيادي في العالم، فإن رؤية المملكة لم تهمل الاهتمام بالحوكمة الرشيدة والشفافية، بل هي محور أساس من محاور التطور المرتقبة. ما نحتاج إليه اليوم أن نبذل جهدا أكبر في أن تصل صورة المملكة واهتمامها بالحوكمة الرشيدة إلى رجال الأعمال حول العالم، وأن تجد جدية أكبر في التطبيق.