رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التميز ثقافة وأداء

ماذا يعني التميز؟ وهل الجميع يبحثون عن التميز؟ هذان السؤالان خطرا على بالي وأنا أتأمل في سلوك الناس وسعيهم إلى لفت نظر الآخرين وما يشعرون به من سعادة، وهم يشار إليهم بالبنان سواء لشيء حسن وممتاز أم لشيء أقل حسنا لكن صاحبه يراه جيدا ويستحق الإعجاب من قبل الآخرين. التميز ليس محصورا في الأفراد بل إن المجتمعات والأوطان بينها من يسعى للتميز.
التميز يختلف حسب الثقافات وحسب الأعمار وحسب الجنس، فالثقافات لها دورها، بعض الثقافات يكون لها دور كبير في تحفيز أبنائها وحثهم على اكتساب نجاحات تميزهم كأفراد من خلال المعارف الجديدة، ومن خلال السلوك الذي يحوز التقدير والإعجاب للسلوك الذي يتميز به الفرد، فالرياضي في أي لعبة قد يتميز عن أقرانه باكتسابه المهارات العالية التي لا بد منها لهذه اللعبة، كما أن التميز لا يقتصر على المهارات بل إن اللاعب قد يتميز بأخلاقه العالية التي تفرض احترام صاحبها.
المجتمعات لها تميزها من خلال غرس سمات وخصائص يمكن من خلالها معرفة الفرق بين من ينتسب لهذا المجتمع أو ذاك، فالمسلم ذكر أو أنثى يفترض أن تكون له سمات ظاهرة سواء في مظهره أو سلوكه وتعامله مع الآخرين، وهذا لا يتحقق إلا من خلال قنوات التربية في المنزل والمدرسة والإعلام، ولذا ما يلاحظ من خلل في تحقيق التميز الفردي والاجتماعي يعود في الأساس إلى التناقض في ما يتلقاه الفرد من معلومات وقيم وتوجيهات، ما يحدث شخصية هجينا ليس لها ما يميزها عن أي فرد ينتمي لأي مجتمع آخر.
البعض تكون مرجعيته في التميز ثقافته الاجتماعية حيث يجعلها الأساس والمعين الذي يستقي منه مقومات تميزه، حيث يلتزم بما تمليه عليه ويحافظ عليها وعلى طقوسها حتى إن كان بعضها شكليا ولا يتعارض مع الأساس الأيديولوجي أو الفلسفي للثقافة. تقابل هذه الفئة فئة أخرى تبحث عن التميز من خلال ثقافة وافدة، أو باستخدام منتجات ثقافة، أو مجتمع آخر، ويمكن أن نضرب مثلا على ذلك فالشاب قد يصر على اللباس التقليدي في مجتمعه لما يحققه له من تميز حتى ولو كان خارج وطنه، وهذا ما يلاحظ على الوافدين من أوطان أخرى، حيث يصرون على اللباس التقليدي لهم، في حين شاب آخر من المجتمع نفسه يلجأ إلى اختيار لباس من ثقافة ومجتمع آخر لاعتقاده أن هذا الاختيار يحقق له التميز، وهذا ما نلاحظه في قصات الشعر، أو في اختيارات الملابس من ثقافات أخرى.
كما أشرت الثقافة والعمر والجنس عوامل ذات أثر واضح في توجيه شكل التميز، فمن الناس من يكون تميزه شكليا، ومنهم من يكون تميزه في طريقة التفكير، أو طريقة الحديث، أو يكون جهده منصبا على أن يتميز في أمور مبدعة، فالطفل يكون تميزه في لعبة يقتنيها، أو لباس زاه، أو حركات، وسلوك يستعرضه أمام أهله، أو أمام الآخرين. إلا أن البالغ الحصيف لا يرضى إلا أن يكون متميزا بعمل وإنتاج ملموس إن كان ممن يسعون للتميز.
عامل الجنس ذو تأثير كبير في البحث عن نوع التميز، فالشاب قد يكون تميزه في السيارة الفارهة التي يقتنيها، ولذا نجد هؤلاء يجددون سياراتهم بسرعة ويختارون ألوانا أكثر لفتا للانتباه. المرأة بدورها قد يكون تميزها في تمسكها بلباسها كالحجاب الشرعي للمسلمة، أينما ذهبت تميز نفسها به، وفي الوقت الراهن دخلت الموضة في اللباس والمجوهرات إلى عالم المرأة حتى أصبح التميز لبعضهن اقتناء آخر ما وجد في الموضة من مجوهرات ولباس وحقائب، وغير ذلك، ما يشعرها بأنها مختلفة عن الأخريات.
الاختلاف لا يعني بالضرورة التميز، فالتميز كما أراه توافر خاصية عقلية تقود صاحبها للنجاح والإبداع، أو خلق رفيع يشار لصاحبه بالبنان، أو سلوك مستقيم حسن يتعامل به الفرد مع الآخرين، وبه ومن خلاله يحترم صاحبه ويجل. كما أن تميز المجتمع ظهور علامات الريادة معرفيا وصناعيا واقتصاديا وحضاريا حتى يرى أثر هذه الأشياء ليس على المجتمع في حد ذاته بل على المجتمعات الأخرى التي تأخذ بما ينتجه هذا المجتمع. الثقافة العامة يمكن أن تصنع تميزا حقيقيا أو تميزا شكليا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي