رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ضريبة القيمة المضافة .. الإعفاءات الإنسانية

الاقتراحات التي تقدمت بها دول مجلس التعاون الخليجي، فيما يختص بقائمة السلع الأساسية المعفاة من قيمة الضريبة المضافة المزمع اعتمادها مستقبلا في المنطقة، هذه الاقتراحات تسير ضمن النطاق المنطقي في تحديد الإعفاءات الضريبية على الاستهلاك. فهناك مواد وسلع تعتبر أساسية وتعتمد عليها الأسر ذات الدخل المنخفض بصورة كبيرة، ستزيد من الأعباء المالية على كاهل الأسر إذا ما وضعت ضمن المستهدف الضريبي. وفي بلدان ضبطت ضريبة القيمة المضافة منذ عقود، تعفي بعضا من السلع التي تعتبرها أساسية. ففي بريطانيا، تعفي السلطات ملابس الأطفال والكتب والطعام من هذه الضريبة، علما بأنها تصل في بريطانيا إلى 20 في المائة، بينما تبلغ معدلات أعلى في دول أخرى.
الدراسات التي يقوم بها المختصون في مجلس التعاون، تصب في المصلحة العامة، لأنها تبحث بوجه خاص الآثار السلبية التي قد تترتب على الأسر ذات المداخيل المحدودة أو المنخفضة. وعندما يقترحون مواد غذائية مثل الحليب وبيض المائدة والخبز ومياه الشرب وغيرها، ضمن القائمة المعفاة، فإنه في الواقع يقدمون أفضل شكل من أشكال الضريبة المضافة. والسلع المقترحة للإعفاء يفوق عددها عدد كل السلع المعفاة في البلدان التي تطبق هذه الضريبة منذ عقود. وهذا يعني أن التطبيق المزمع للضريبة المضافة في دول مجلس التعاون، سيكون عادلا، في الوقت الذي تقوم فيه حكومات هذه البلدان بضبط الإنفاق بما لا ينعكس سلبا على التنمية المستدامة والاقتصاد الأكثر شمولا.
ولعل من الحراك المثير في هذا الأمر، ما يجري حاليا لاستهداف السلع ذات القيمة الغذائية القليلة، أو تلك التي تسبب أضرارا صحية، كالمشروبات الغازية ذات السعرات الحرارية العالية، والمنتجات التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر والملح وغير ذلك مما يؤثر في صحة الفرد. في العام الماضي فرضت بريطانيا شيئا من هذه الضريبة على هذا النوع من السلع، وذلك بعد دراسات طبية أثبتت دورها في ارتفاع نسبة الأمراض، وبالتالي صعود تكاليف العلاج، ولاسيما في البلدان التي تتحمل الدولة نفقات الرعاية الصحية فيها. وهذه القضية تمثل فرصة للمشرعين الخليجيين باعتمادها بصورة علمية وعملية مع أول تطبيق لفرض ضريبة القيمة المضافة. وهناك الكثير من "الممرات" نحو ضريبة واقعية وعادلة لا تنال من الأسر.
مما لا شك فيه أن ضريبة القيمة المضافة تمثل رافدا اقتصاديا مهما لجميع البلدان التي اعتمدتها منذ عقود، وتأتي الآن في الوقت الذي تبني فيه بلدان الخليج العربية اقتصاداتها وفق مستجدات واستحقاقات عديدة. ومثل هذه الضريبة تصب أيضا في جهود تنويع مصادر الدخل في الخليج، بعد أن اعتمدت سلسلة من السياسات من أجل الابتعاد عن الاعتماد على النفط كسلع أولى أو رئيسة للدخل، خصوصا مع الهبوط التاريخي لأسعار البترول قبل عامين. وهناك توجه (كما هو معروف) إلى فرض ضريبة دخل، لكن لم يتم وضع جدول زمني لها، ولا حتى إطار عام لتطبيقها. أي أن دول مجلس التعاون الخليجي متجهة بالفعل إلى متغيرات اقتصادية تاريخية أيضا. بعض اقتصادات الخليج تنشئ في الواقع اقتصادا جديدا لا يشبه ما كان قائما.
سيكون من المفيد لبلدان الخليج النظر بعمق إلى تجربة البلدان التي تطبق ضريبة القيمة المضافة. فالقضية متشعبة، وهي لا ترتبط بالسلع التي سيتم فرض الضريبة عليها، ولكن بآلية تحصيلها وكذلك إعادتها للمستحقين لها، وغير ذلك. إنها مرحلة اقتصادية خليجية جديدة، تضاف إلى المراحل الجديدة التي ستشهدها المنطقة من الآن حتى نهاية العقد الحالي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي