استقرار المملكة يجذب الاستثمارات العالمية
في كل عام وعلى الرغم من تقلب الأحداث من حولنا يثبت الاقتصاد السعودي أنه الأكثر أمانا، وأنه الأقدر على جذب الاستثمار الأجنبي، حيث سجلت الاستثمارات الأجنبية محليا ارتفاعا نسبته 9 في المائة، وبلغت قيمتها بنهاية الربع الأول من العام الجاري 1.135 تريليون ريال، مقارنة بـ 1.041 تريليون ريال بنهاية الربع الأول من العام الماضي. وهذه الزيادة الكبيرة أتت كنتيجة أولية لما تعمل عليه المملكة حاليا من تحول اقتصادي، يهدف إلى فتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية للمشاركة في نجاح رؤية المملكة 2030، فالمملكة وضعت خططا طموحة جدا، تهدف إلى إيجاد شراكة عالمية واسعة من أجل تنمية مستدامة. وإذا كان رأس المال جبانا كما يقال وكطبيعة لازمة له، وإذا كانت المملكة تعيش في منطقة ملتهبة وهي مستهدفة بشكل مباشر فإن زيادة الاستثمارات الأجنبية بهذا الشكل وفي الربع الأول فقط هي دلالة لها كثير من المعاني المهمة سواء على المستوى السياسي أو الأمني أو الاقتصادي.
سياسيا فإن الاستثمارات الأجنبية لا تغامر في دول مضطربة، أو مفككة سياسيا، أو مهددة بذلك، ولقد أثبت أبناء هذا الشعب تلاحما قويا مع قيادته في كل مرة تستهدف بها المملكة، هذا التلاحم أعطى رسالة أمان قوية للعالم، والعالم يقرأه بوضوح، ولهذا فإن الاستثمارات الأجنبية تمثل سلوكا سياسيا رشيدا على أن رسالة الاستقرار والأمان السياسي رسالة حقيقية وليست مجرد دعاية إعلامية جوفاء. ولا عجب أن تحقق المملكة مثل هذا الاستقرار، فهي لم تنشأ كنتيجة لصراعات مذهبية أو محاصصة طائفية أو حتى خلافات حزبية وفكرية، بل أتت نتيجة تلاحم حقيقي بين أبناء الوطن الذين اختاروا قيادتهم منذ عهد الأجداد، وأعطوا في ذلك بيعة ينقلها جيل إلى جيل، وسعى الملوك من أبناء المؤسس - رحمه الله - إلى استتباب الأمن وتطبيق الشرع المطهر، فعاش الجميع في أمن وسلام بكل أطيافهم وعقائدهم، ومذاهبهم، الجميع لهم حقوق وعليهم واجبات، وقد مكن الله هذه البلاد من خدمة الحرمين الشريفين فأصبحت قبلة المسلمين من كل بقاع الأرض.
وعلى المستوى الأمني، أثبتت المملكة أنها قادرة على الضرب بيد من حديد على كل من يعبث بأمن الناس، الذين يعيشون على أرض هذا الوطن بسلام وأمن واستقرار، فالملايين من الحجيج كل عام، والملايين من زوار بيت الله ومسجد رسوله، الذين يأتون من كل حدب، كبارا وصغارا، رجالا ونساء، يؤكدون ما تتمتع به المملكة من أمن وأمان، فلا يكاد يحدث مكروه لواحد منهم دون أن تستنفر المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين لرفع الأذى ومباشرة المريض، ورعاية الجميع حتى يعودوا إلى بلادهم آمنين سالمين. كل هذا يمثل جهودا جبارة في دولة مترامية الأطراف، يعم الأمن والسلام كل أركانها. مثل هذا الوضع الأمني المستقر بفضل الله ومنه وكرمه يعطي مساحة شاسعة من الفرص الاستثمارية لمن يرغب فيها، ولهذا وصلت الاستثمارات الأجنبية إلى نحو 1.135 تريليون ريال، بلغت الأنشطة المباشرة منها نحو 75 في المائة.
وفي الجانب الاقتصادي، فإن المملكة تقدم فرصا استثمارية متنوعة، فهناك قطاعات عديدة والمملكة بحجمها وتعداد السكان فيها تمثل سوقا جاذبة بنفسها، ولهذا وجد عديد من المستثمرين فرصة الاستثمار المباشرة واعدة بشكل أفضل، كما أن المملكة تقدم نماذج مختلفة من الاستثمارات، فبخلاف الاستثمار المباشر هناك اليوم فرص في الاستثمار من خلال الصناديق الاستثمارية التي تضخ استثماراتها في سوق الأوراق المالية، وهناك استثمار عن طريق الودائع المصرفية، كما أن المملكة تتجه اليوم وبقوة نحو سوق السندات العالمي وتقدم منتجاتها في هذا الجانب، وهي تتمتع بتصنيف مرتفع مقابل كثير من دول العالم الناشئة.
وبشكل عام فإن المملكة تسير اليوم بخطى اقتصادية أكثر ثباتا، وهي تتعامل مع الاستثمار الأجنبي كشريك لبناء الاقتصاد. ورؤية المملكة 2030 وكذلك برنامج التحول الوطني يقدمان كثيرا من الفرص للعالم ليشاركنا نجاح الاستقرار والبناء الذي صنعته الأجيال.