هكذا الصداقة وإلا فلا
يقال إن الصديق وقت الضيق، وكلما اشتد الضيق على الإنسان ظهرت شهامة وفروسية الصديق. ثم إن الصديق الذي يقدم لصديقه العون، حتى وإن أدى ذلك لخسارة شيء من ممتلكاته فذلك هو الصديق الأصدق، أما عندما يقدم الصديق لصديقه نصف ما يملك فهو الصديق الأصدق.
كيف به وهو يقدم الصداقة على مصلحته الخاصة، كما فعلت سيدة خطبت صديقتها لزوجها لتنهي عنوستها. هذه السيدة الرائعة هي مثال للصديق الصدوق صادق الود وافيه. على أنني أجد صعوبة في تقبل أن تضحي المرأة بزوجها لأخرى إلا إذا كان هناك دافع قوي.
قد يكون الزوج معيبا أو ثقيلا أو سيئ العشرة, فقررت الزوجة أن تتخلص من نصف القهر الذي تعيشه بمشاركة أخرى فيه، وهذا من قبيل البضاعة الفاسدة التي يحاول صاحبها أن يبيعها بأي ثمن.
يمكن أن تكون الزوجة غير آبهة بزوجها، قد لا تحبه أو تشعر بفوقية تدفعها لإشراك غيرها فيه. هذا الاستحقار نتيجته خطيرة، فالزوج الذي لا يجذب الزوجة عندما يكون أمام عينها وتحت ناظريها سيكون له من الجاذبية الكثير عندما يغيب ويكون لدى أخرى.
يذكرني هذا بحال من يعيشون في مكة المكرمة، فقبل أن يسكنوا البلد الحرام تجدهم يحلمون بالصلاة في المسجد الحرام والبقاء فيه أطول فترة ممكنة، لدرجة أنهم يكتشفون أن لا حياة لهم بعيدا عن الحرم، لكنهم عندما ينتقلون إلى مكة تبدأ المشاغل في سحبهم بعيدا عن حبهم الأساس، وتجدهم لا يذهبون إلى الحرم لأشهر.
أذكر أن أحد أصدقائي كان يذهب إلى مكة من جدة كل إجازة نهاية أسبوع، فلما تقاعد وانتقل لمكة، سألته ذات مساء عن السعادة التي يعيشها في الحرم، فحلف لي أنه كان يدخل الحرم ويبقى فيه أيام كان في جدة أكثر مما يفعل بعد الانتقال.
قانون الجِدة هذا يؤثر على كل الناس والقياس عليه في حال الزواج منطقي، وكلنا يتذكر كيف أن المرأة في مسلسلاتنا تطارد زوجها مطالبة إياه بالطلاق، فلما ينطق كلمة الطلاق تجهش المرأة بالبكاء، وكأنها لم تدفعه لذلك بصراخها ومطالباتها.
أخيرا سأتوسم في هذه الزوجة الخير، وأرجو للجميع حياة سعيدة وهادئة لا يقطعها سوى صراخ الأطفال نتيجة الزواجين.