لنحمِ «رب العمل» أولا

دوما ما نحمّل المواطن جزءا كبيرا من مسؤولية تفشي ظاهرة هروب العمالة المنزلية من خادمات وسائقين، ويراه الكثير مذنبا عندما يفتح بيته للهاربين من كفلائهم وإغرائهم بمرتبات أعلى مما يتقاضونه بشكل نظامي، ولكن لنسأل أنفسنا: ما الذي يدفعه إلى هذا الأمر، ويجبره على جعل منزله ملاذا للجناة؟
لا يوجد أي قانون أو نظام يحمي أرباب العمل ويحفظ لهم حقوقهم في حال هروب عمالتهم.. فالسعودي يدفع آلاف الريالات لسائق أو خادمة، وبعد الوصول إلى المملكة يهربون، ويصبح ما دفعه للاستقدام "هباء منثورا"، وبالتالي لجأ الكثير منهم لما يسمى الخطة "ب"، ألا وهي التعاقد مع الهاربين من كفلائهم، فالمرتبات مقاربة لراتب العاملة النظامية في حال إضافة كلفة الاستقدام والمخاطرة "صفرية"، فالعمالة المنزلية تقبض رواتبها بعد أداء العمل لا قبله.
لا أحد يمكن أن يلوم من يتحايل على قانون لا يحميه، واللجوء إلى الخطة "ب" مبرر متى ما علمنا أن غالبية العمالة تأتي للسعودية وقد بيتت الهروب والعمل لدى الغير، ويأتون إلى المملكة وقد زودوا في بلادهم بأرقام عصابات التهريب، والمكاتب والشركات، كل ما تفعله هو الاشتراط عليهم بالبقاء لثلاثة أشهر فقط كي تبرئ مسؤوليتها من دفع التعويضات.
تلك المعضلة المتمثلة في ظاهرة الهروب لم تجد لها الجهات المختصة أي حلول رغم كثرة الشكاوى، بل إنها تزيد ويرتفع معدلها عاما إثر آخر، وكل ما نسمعه ونراه مجرد وعود لم يتم الإيفاء ولو بالجزء اليسير منها.
أعود وأكرر.. المواطن بكل أمانة لا يلام وهو يفتح بيته للعمالة الهاربة رغم المخاطر الأمنية المترتبة على ذلك، نطالبه دوما باحترام الأنظمة والقوانين، ونفتح له الباب على مصراعيه لاختراقها، فلم نوجد لها قانونا أو نظاما واحدا يحفظ حقوقه أو يحميه من عصابات التهريب ومكاتب وشركات الاستقدام.
لنبدأ أولا بحماية المواطن وحفظ حقوقه، من خلال سن قوانين تمكنه من استرداد أمواله في حال هروب عمالته أو رفض العمل، وتمنحه التعويضات المترتبة على الضرر الذي يتعرض له، وعندما نفعل ذلك لا بأس لو طالبناه بالالتزام بواجباته في احترام القوانين والأنظمة وعدم تجاوزها أو التحايل عليها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي