رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


حروب الجيل الرابع

اتجهت الأنظار خلال الفترة الماضية نحو مجموعة من المؤثرات التي فسر بها المتابعون عنف الصغار. كيف يمكن أن يكون طفل في سن مبكرة ذا توجه إجرامي؟ وما الدور الذي تلعبه المؤثرات من حوله في سلوكه وتفكيره؟
يصعب أن نحدد مؤثراً وحيداً كعنصر يدفع في اتجاه العنف غير المبرر، لكن الواضح أن هناك مظاهر تؤول التأثير السلبي في السلوك الفردي. هذه المظاهر يجب أن تكون محل الدراسة والبحث من قبل مختصي علم النفس ليقدموا تفسيرات بينة لما نشاهده بين ظهرانينا من العنف الفردي والمجتمعي.
ما زلت مع الاعتقاد بأن هناك مؤثرات مخططة، ولها أهداف ترسمها جهات معينة، واعتقادي هو نتيجة الاطلاع على معلومات تاريخية ونقاش مع مختصي الحرب النفسية التي تظهر آثارها اليوم بشكل مخيف. أذكر القارئ الكريم بأننا في مرحلة ما يسمى "حروب الجيل الرابع"، التي تستخدم مجموعة القوى غير العنيفة ماديا، وتشمل المؤثرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية. العنصران الأخيران هما الأكثر غموضا وأهمية في رأيي.
حروب الجيل الرابع تعتمد على إفشال الدولة وإلغاء هيبتها وقدرتها على التحرك والتفاعل مع الأحداث، وليس أكبر من زعزعة التوازن المجتمعي كوسيلة لتحقيق هذا الأمر، وكلما تنازع سكان الدولة في تحديد مجموعة الأسس التي يتعايشون بناء عليها، ستظهر مساوئ ومنازعات ومطالبات وخلافات وثارات جاهلية عفى عليها الزمن لتسيطر على الواقع وتدمر كل ما يسهم في بناء وتماسك الدول.
تدمير بنية المجتمع عمل احترافي شاهدنا آثاره في الدول المجاورة، وكيف أنه حول الجار ضد جاره، والأبناء ضد آبائهم لتنتهي كل رموز التعايش والتفاهم المبنية على التسامح والمحبة والعيش في الحاضر ونسيان الماضي ومآسيه وزلاته.
هذه الحرب المجتمعية هي ما يجب أن تحذر منه كل دول الشرق الأوسط، لسبب بسيط وهو عراقتها وتاريخها المديد وتفاعل مكوناتها على مدى آلاف السنين. نحن محور الحضارة في تاريخ العالم، ومرت بنا أحداث كثيرة لا يمكن حصرها، تنوعت من الإيجابية إلى السلبية، ونتج عنها الكثير من الفروق التي يجب أن تبقى في التاريخ ولا يستعيدها أحد أو يحاول أن يبني علاقات الحاضر عليها. وتكمن الفتنة في "استرجاع" الفائت، وهي ما يمكن أن يدفعنا إليه جهل بعضنا أو مخططات أعدائنا.
غدا بحول الله أتحدث عن الحرب النفسية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي