إيران .. الخراب الممنهج
أيا كان مستوى الإدانة الدولية لانتهاكات إيران فيما يختص بالاتفاق النووي، وخرق القانون الدولي بإرسال السلاح والمرتزقة والعصابات إلى بلدان عديدة في المنطقة، وكذلك عمل النظام الإيراني المتواصل على نشر الفوضى والخراب وعدم الاستقرار في كل بقعة يستطيع الوصول إليها.. أيا كان مستوى الإدانة وطبيعتها ودلالاتها، فقد جاءت متأخرة. لماذا؟ لأن العالم يعرف هذه الحقائق منذ سنوات، ولأن الخروقات الإيرانية لكل شيء تقريبا تتم تحت سمع وبصر المجموعة الدولية، ولأن المآسي التي نجمت عن المخططات الإيرانية تتحدث عن نفسها، ولأن المخاطر التي تستهدف المنطقة (بل العالم) تزداد على مدار الساعة من جراء الاستراتيجية الإيرانية الفاضحة، ولأن النظام الإيراني التخريبي يتباهى هو نفسه بنتائج خرابه هنا وهناك.
ورغم كل شيء، تسجل الإدانة الدولية لهذا النظام المارق، خطوة أخرى على طريق التعاطي مع إيران بما يستحقه نظامها الخارق لأي قانون، والذي لا يعرف منذ استيلائه على السلطة أي معيار أخلاقي وإنساني، بما في ذلك علاقات حسن الجوار، والعمل المشترك من أجل استقرار وازدهار المنطقة. إنه نظام لا يستمر إلا بخرقه القوانين، ولا يبقى في الواقع، إلا إذا نشر ما أمكن له من المخاطر وأحدث أكبر قدر من التخريب. لا يهم هذا النظام حتى شعبه، الذي يمكن اعتباره أول ضحاياه ليس الآن ولكن منذ عقود. "يستثمر" في الخراب، غير آبه بالاحتياجات الحقيقية للبلاد. إنه نظام يرى العالم والمنطقة من زاوية الشر، لأنه في الواقع لا يرى غيرها. وقد أثبت على مر العقود الماضية، أنه ليس مؤهلا لأن يكون جزءا طبيعيا من المنظومة الإقليمية، وبالتأكيد الأمر هو نفسه على صعيد المنظومة الدولية.
لم تترك البلدان العربية ولاسيما المملكة مجالا إلا وفتحته على مدى سنوات، من أجل أن تكون إيران جزءا طبيعيا فاعلا على صعيد المنطقة. والسعودية التي تقف في مواجهة الشر الإيراني، أعطت الفرصة تلو الأخرى لهذا النظام البائس، على أمل أن ينتهج سياسات لا تفيد المنطقة فحسب، بل تنعكس بصورة إيجابية مباشرة على شعبه. وما قامت به المملكة يستند إلى العدل في استخلاص النتائج. أي أنها منحت الفرص من أجل استنتاج حقيقي على ظلم فيه. وكان هذا الاستنتاج ببساطة أن النظام الإيراني لا يمكن أن يكون جزءا من الحراك العالمي الطبيعي، وبالتأكيد هو ليس كذلك ضمن الحراك الطبيعي الآخر للمنطقة. كان الخراب (ولا يزال) الاستراتيجية السائدة في إيران. لا يهم مستوى المصائب التي ينشرها، المهم أنها ترضي العقلية المريضة لنظام طائفي باطني بغيض.
لا توجد ساحة في المنطقة تعاني الحروب والتوتر والفوضى والظلم والاستبداد، إلا كانت إيران في صلبها. هذه سورية والعراق واليمن والبحرين والكويت ولبنان حتى السعودية، تشهد على الاستراتيجية التخريبية الإيرانية. أسلحة من كل الأنواع الثقيلة والخفيفة. قوات نظامية وعصابات ومرتزقة مما يسمى الحرس الثوري. مجموعات إرهابية. كلها "صادرات" إيرانية إلى هذا البلد أو ذاك. وهي صادرات قاتلة ظالمة. ناهيك عن الأموال التي يمنحها النظام الإيراني بلا حساب إلى أنظمة مجرمة كنظام الأسد في سورية، وعصابات كالحوثيين في اليمن، ومرتزقة كالحشد الشعبي في العراق، وبالطبع إلى «حزب الله» الشيعي الإرهابي في لبنان. وغير ذلك بأشكال مختلفة.
إيران التي علقت آمالها على الاتفاق النووي المريب أصلا، لم تستطع إلا خرقه مباشرة من خلال تجاربها غير الشرعية للصواريخ البالستية. العالم لا يحتاج لا إلى دول كبرى ولا إلى مختصين لمعرفة التوجهات والأفعال الإيرانية. إنها واضحة، بل إن الصفاقة الإيرانية وصلت حدا باتت الخروقات التي تقوم بها طهران جزءا من الأخبار الرسمية. لا يوجد وقت طويل أمام العالم للتحرك ضد هذا النظام الفاشي. لقد تجاوزت المسألة مرحلة التحليل وكشف الحقائق.