قضايا الإغراق السعودية الناجحة

اتخذت السلطات المصرية المختصة قرارا صائبا فيما يتعلق بقضية الدعم والإغراق الخاصة بمنتج شركة "سابك" البولي إيثلين تريفثالات المعروف اختصارا بـ PET . والحق أن القرار المصري بعدم فرض رسوم الإغراق والدعم لهذا المنتج، يصب في مصلحة الجانب المصري أولا، ولا سيما بعدما توصلت اللجان المختصة إلى هذه النتيجة. والقضية نوقشت على مختلف المستويات التخصيصية، وطرحت برؤى منفتحة. أي أن القرار لم يأت بعيدا عن دراسة الحالة العامة لهذه القضية، وتفرعاتها وغير ذلك مما يداخل بها. ومثل هذه القرارات، تسهم في دعم الموقف الوطني لأي بلد يتخذها على أسس واقعية، وانطلاقا من المعطيات والحقائق الموجودة. ولذلك وجدت السلطات المصرية، أن الأضرار التي تعرضت لها مصر بهذا الخصوص، لا علاقة لها بالزيادة في الواردات من المنتج المشار إليه، بل يعود لأسباب أخرى.
ومما لا شك فيه، أسهم القرار المصري في مزيد من دعم العلاقات التجارية المتنامية بين الرياض والقاهرة في مجالات عدة، ولا سيما أن المملكة تنظر إلى مصر كبلد شقيق يمر "كغيره" بأزمات وينبغي توفير الدعم له لتجاوزها. وعلى هذا الأساس، تتحرك المشاريع السعودية الاستثمارية والتنموية في مصر على مختلف الأصعدة. وقضايا الإغراق التي لا يتم التعاطي معها بدقة ووفق الحقائق الموجودة، تسهم في إرباك العلاقات بين بلدان عدة. لقد حدثت خلافات وتجاذبات بين عدد من الدول، وظهرت انعكاساتها على المشهد الاقتصادي العام. والقرار المصري الذي انطلق من الحقائق، يفسح المجال أمام المسؤولين المكلفين بهذا الملف في القاهرة، لمواصلة البحث عن الأسباب الأخرى التي تؤثر سلبا في الصعيد المصري من جهة توريد المادة الصناعية المشار إليها.
والحق، أن الجانب السعودي حقق نجاحات تاريخية في قضايا الإغراق التي خاضها مع عديد من البلدان من بينها بلدان كبرى. وهذه النجاحات ضمنت أحقية المملكة في عدد من الصناعات من خلال التوريد والوقاية. وأظهرت المفاوضات الشاقة التي خاضتها السعودية مع بلدان كالصين والهند وتركيا وغيرها مدى براعة الفريق المفاوض بقيادة الأمير عبد العزيز بن سلمان نائب وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، رئيس الفريق المعني بمتابعة قضايا الدعم والإغراق. ومثل هذه القضايا لن تتوقف لأن القطاعات التي تشملها واسعة ومتعددة، والأهم أن معظمها يشكل صناعات محورية سواء في المملكة أو في البلدان المقابلة لها. لكن في النهاية تجري الأمور وفق أعلى مستوى من التفاوض من الجانب السعودي، الأمر الذي يضمن النتائج المطلوبة على الصعيد الوطني.
وفيما يتعلق بالقضية الخاصة بمادة البولي إيثلين تريفثالات، فقد فتح المصريون تحقيقا موسعا في العام الماضي فيما يرتبط بـ "التدابير الوقائية"، على أساس، أن استيراد هذه المادة يصيب المنتج المحلي بأضرار كبيرة، والتحقيق لم يشمل الجانب السعودي فقط، بل شمل أيضا الاتحاد الأوروبي والإمارات وتركيا وتايوان وماليزيا وسلطنة عمان. المهم في هذا كله، أن النتيجة التي توصل إليها التحقيق، أنه لا علاقة للمنتج السعودي بأي أضرار تصيب القطاع محليا على الساحة المصرية، وربما هناك تأثيرات سلبية أخرى من بلدان أخرى. وفي كل الأحوال، تعتمد المملكة أسلوب الملفات المفتوحة فيما يتعلق بقضايا الإغراق والدعم والمساندة لصناعاتها، وهي تستطيع أن تستند إلى كثير من النجاحات بل الانتصارات التي حققتها في هذا الخصوص طوال السنوات الماضية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي