رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التوعية الصحية .. خارج الاهتمام

كلما قرأت عن الإحصائيات المتزايدة لمجموعة من الأمراض التي تهدد حياتنا تساءلت عن التوعية الصحية وغيابها التام رغم أهميتها ودورها المحوري في الوقاية وتقليل كلفة العلاج. وعلى سبيل المثال تحتل المملكة المرتبة الرابعة عالميا في استهلاك التبغ بنسبة 40 في المائة من المجتمع الرجالي، و10 في المائة من المجتمع النسائي و15 في المائة من مجتمع المراهقين، وهناك 30 في المائة من طلبة المدارس مدخنون. هذا الانتشار المخيف لا يوازيه أي جهد توعوي يذكر سوى بعض الجهود البسيطة لجمعية مكافحة التدخين، وهي لا تقارن بحجم الدعاية الضخم لشركات "التبغ"، والحقيقة أنني لم أشاهد منذ سنوات مقطعا توعويا، أو صورا معبرة، أو معلومات مبسطة، توضح حجم الخطر القادم لانتشار التدخين وقس على ذلك بقية الأمراض المرتبطة بأخطاء سلوكية أو عادات اجتماعية وما أكثرها في مجتمعنا، والإحصائيات تؤكد أن نسبة انتشار مرض السكري تتجاوز 65 في المائة، وأمراض الضغط تقارب 40 في المائة.
وأمراض السرطان 13 في المائة والإنفاق على علاج هذه الأمراض يستنزف ميزانية الدولة ولا بد من جهود موازية للجهود العلاجية.
وأعتقد أن وزارة الصحة مطالبة اليوم بإعادة النظر في استراتيجياتها الإعلامية لتكون مخصصة للتوعية الصحية، فلدى الوزارة إدارة "للإعلام والعلاقات العامة" يتبعها أكثر من 20 إدارة فرعية موزعة على مديريات الشؤون الصحية في المناطق وفيها عدد من الكوادر الإعلامية ولكن خلال السنوات الماضية اقتصر دورها على التعريف بأنشطة الوزارة وتغطية أخبار المسؤولين وجولاتهم واجتماعاتهم، وهي أمور تعد ثانوية في نظري وليست ذا أهمية وهذا يتطلب أن يكون دور هذه الإدارات هو التوعية الذكية ورفع الوعي في مواجهة الآفات والمشكلات المرضية التي يتزايد انتشارها.
لقد خصصت معظم الدول الأوروبية جزءا أساسيا من موارد وزاراتها الصحية للإنفاق على التوعية الصحية ومواجهة السلوكيات الخاطئة التي تسهم في ارتفاع نسبة الأمراض، وقد حققت جهود التوعية نتائج مبهرة في رفع الوعي الاجتماعي، وأجبرت عددا من الشركات على إعادة النظر في أساليبها التسويقية وتطوير منتجاتها لتتلاءم مع النمط الصحي الاجتماعي، وهناك دراسات تؤكد أن معدل تقليل كلفة العلاج في بريطانيا قد انخفض بنسبة 25 في المائة بعد تخصيص نسبة 2 في المائة من ميزانية وزارة الصحة البريطانية للإنفاق على البرامج التوعوية.
وفي أمريكا ينفق على التوعية والتعريف بخطورة مرض "الإيدز" أكثر من 25 مليار دولار سنويا تنفق على إنتاج برامج مرئية، ومسموعة، ومنشورات طبية ولقاءات وندوات جماهيرية مكثفة تستهدف مختلف الشرائح الاجتماعية.
على وزارة الصحة أن تستغل هذه الثورة التقنية التي جعلت من مواقع التواصل الاجتماعي شبكة جاذبة ومؤثرة وتستفيد من الإمكانات المتاحة لتحقيق توعية صحية مستديمة وشاملة وقادرة على الوصول لكل الشرائح بما يضمن التاثير الإيجابي وتعديل السلوكيات المؤدية للمرض، وإلا سنظل رقما ثابتا في إحصائيات منظمة الصحة العالمية المرتفعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي