الدور الجديد لوزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية
إن الأمر الملكي الذي صدر في السابع من أيار (مايو) 2016 بإعادة هيكلة مجلس الوزراء لتهيئته كي يضطلع بتنفيذ مشاريع "رؤية المملكة 2030" نص على تغيير مسمى وزارة البترول والثروة المعدنية إلى وزارة الطاقة، والصناعة، والثروة المعدنية، كذلك نص الأمر الملكي الكريم على توزير المهندس خالد الفالح وزيرا للوزارة ليحل محل زميله الوزير علي النعيمي الذي ظل على رأس الوزارة السابقة لأكثر من 15 عاما.
وفي اللقاءات الإعلامية التي أجراها المهندس خالد الفالح قدم وزارة الطاقة، والصناعة، والثروة المعدنية، كما لو كانت وزارة تجمع خيوط الكثير من مشاريع التحول الوطني، وأكد الوزير في أكثر من حوار إعلامي أن درجة استيعابه لبرامج التحول الوطني عالية وكبيرة، وأن مسؤولية وزارته بالنسبة لبرنامج التحول الوطني ستكون مسؤولية استراتيجية.
في ضوء ذلك بات المواطن السعودي ينتظر من وزارة الطاقة، والصناعة، والثروة المعدنية أن يكون لها دور أساسي ومهم في برنامج التحول الوطني، ولا سيما أن الوزارة لم تعد وزارة للبترول والثروة المعدنية فحسب، بل أصبحت مسؤولة عن مجموعة من الوزارات في وزارة واحدة، فهي الآن مسؤولة عن الطاقة التقليدية، والطاقة البديلة بكل مصادرها وأنواعها، ومسؤولة عن الصناعة بكل مقوماتها التقليدية والعصرية، أيضا الوزارة أصبحت مسؤولة عن تنمية الثروة المعدنية التي أصبحت من مستهدفات تنويع مصادر الدخل في مشاريع "رؤية المملكة 2030".
ويمكن إيجاز دور الوزارة في برنامج التحول الوطني في عديد من المبادرات منها - على سبيل المثال - إقرار وتنفيذ بنود نظام المتاجرة في المنتجات البترولية لمنع الموزعين والبائعين غير النظاميين من المتاجرة بالمنتجات البترولية للحيلولة دون نشوء سوق سوداء تضر بمصلحة السوق وسلامة وجودة الإمدادات للمستهلكين في المملكة، إضافة إلى ذلك فإن نظام المتاجرة في المنتجات البترولية يمنع ما يعرف بعمليات تهريب الوقود من داخل المملكة خصوصا في ظل التباين الكبير بين أسعار الوقود داخل المملكة وأسعاره في دول الجوار.
ويبدو أن شركات أرامكو وسابك ومعادن تتحرك بقوة نحو زيادة إيراداتها غير النفطية حتى تسجل الزيادة ما نسبته 224 في المائة بحلول عام 2020، وهذه النسبة كفيلة بإحداث تغيير ملموس في محاولات تنويع مصادر الدخل.
وبشيء من التفصيل فإن إقرار وتنفيذ بنود نظام المتاجرة المستهدف يمكن الوزارة وشركاتها من رفع كفاءة استخدام الوقود في قطاع توليد الكهرباء وتحلية المياه، وكذلك التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لبناء مركز إنتاج للصناعات التحويلية والخفيفة في منطقة رأس أبو قميص للاستفادة من توافر الغاز بكميات كبيرة، كذلك بناء مركز إنتاج للصناعات المتوسطة والخفيفة في حوطة بني تميم للاستفادة من الثروات الهيدروكربونية والمعدنية المتوافرة حول المنطقة التي لم تستغل بالشكل الأمثل، كذلك بناء مركز إنتاج للصناعات المتوسطة والخفيفة في ضبا للاستفادة من الثروات الهيدروكربونية والمعدنية المتوافرة في المنطقة.
كذلك فإن من مهام وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية هو البحث عن الطاقة البديلة مع الاستمرار في العمل على زيادة الاحتياطي من البترول الأحفوري، وتعتبر مشاريع البحث عن الطاقة البديلة من المشاريع الرئيسة التي أصبحت الشغل الشاغل لكل الدول الكبرى.
وتجدر الإشارة إلى أن المملكة حققت تقدما ملحوظا في مشاريع الطاقة الشمسية والطاقة النووية، وتبشر الإنجازات التي تحققت على الأرض في هذين النوعين من الطاقة البديلة أن السعودية ستكون من الدول الرائدة في مجال استغلال الطاقة الشمسية والنووية على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
هذه مقتطفات من الوظائف التي سوف تضطلع بها وزارة الطاقة، والصناعة، والثروة المعدنية في ثوبها الجديد، ونلاحظ أن وظائف الوزارة أصبحت ترتبط بالكثير من خيوط مشاريع التحول الوطني، ولذلك فإن "رؤية المملكة 2030" تعول كثيرا على دور وزارة الطاقة، والصناعة، والثروة المعدنية لارتباطها بكثير من خيوط برنامج التحول الوطني، ومن هنا نؤكد أن دور وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في مشروع التحول الوطني جد كبير.
إن وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ستكون بمنزلة رمانة الميزان في "رؤية المملكة 2030" جنبا إلى جنب مع وزارة التعليم والاقتصاد والتخطيط، وطبعا كل الوزارات ومؤسسات القطاع العام والخاص لها أدوار على درجة كبيرة من الأهمية، وأهم تلك الأهداف هو تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على مورد واحد يضع الاقتصاد الوطني رهينة في يد سوق واحدة تموج بالمضاربة وتحرك الاقتصاد ذات اليمين وذات اليسار!
إن "رؤية 2030" ستنهي فصلا من فصول تاريخ اقتصاد هذه المملكة، و(تحوله من اقتصاد استاتيكي إلى اقتصاد ديناميكي)، وتكتب بداية فصول من التنمية والنهضة والتحديث الذي سيضع المملكة - بإذن الله - في مصاف الدول المتقدمة.