«داعش» في نيس
ليس لـ"داعش" أي أساس ديني ولا أخلاقي ولا اجتماعي. فالحالة الداعشية هي شذوذ بمختلف المقاييس. فالدين الذي يعرفه الناس جميعا، هو محفز لعمارة الأرض، ونشر السلام، وعدم إشاعة القتل والاغتيال والتفجير.
ومن الناحية الأخلاقية، فإن "داعش" كانت ولا تزال نموذجا لخسة الطبع ودناءة السريرة، حيث إنهم لا يرعون حق القرابة ولا الدين ولا الوطن. وهم يمارسون الخديعة وسوء الطوية مع الأقارب والأباعد. هم عصبة إبليس ومن جنوده. الحقيقة أن حالة "داعش"، لا يمكن التعامل معها باعتبارها نتاج عقل سوي، فهي جزء من انحراف ظل يتكرس في العقل الجمعي لجماعات الغلو منذ ظهور حركات الرفض والتطرف، وكان هذا التطرف يتزايد، والفجور يتنامى، حتى رأينا من لا يردعه رادع عن استهداف زوار مسجد رسول الله ومدينته ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وهذا السلوك اللئيم لا يصدر عن أي إنسان، فما بالك إذا صدر من مسلم؟! من المؤكد أن حالة الدعشنة التي تستوطن النفوس المريضة، تجعلها في حالة ارتهان للأفكار المريضة التي تستهون قتل الأب والأم والقريب واستهداف المجتمع والوطن مسألة سهلة للغاية.
ومن هنا فإن ما شهدته فرنسا الخميس الماضي، لا يعدو أن يكون جزءا من غريزة القتل العبثي التي تملكت عقول المهزومين فأصبح استقواؤهم على أبرياء بينهم مسلمون شاهدا على حماقتهم.
ومن الأمور التي تعكس تمكن الشذوذ من العقول الداعشية، تنوع حالات وأدوات القتل، وهذا القتل لا يفرق بين أحد. فالآلات العمياء التي تتلبس أجساد هؤلاء المحسوبين على البشر، تسعى إلى تحقيق هدف واحد هو: شيطنة المسلمين والدول الإسلامية، وتحفيز الضغينة ضد الإسلام، وتمكين اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا من الوصول، وتحقيق أهدافه المتمثلة في استهداف الأقليات المسلمة، والسعي إلى توجيه الحراب للدول العربية والإسلامية.
حتى الآن لا يزال العالم يعي أن هناك فارقا بين "داعش" وبقية المسلمين، ولكن الملاحظ أن الخطابات المتطرفة في أوروبا تنتعش، وخطاب الاعتدال ينحسر عند البعض تدريجيا.
ويمكن أخذ موضوع اللاجئين نموذجا على التراجعات إذ بعد أن كان اللاجئون محل ترحيب، أصبح موقف المدافعين عنهم شديد الضعف، بعد الضربات الداعشية المتلاحقة التي استهدفت عدة دول أوروبية. وهذا الكلام سينسحب حتما حتى على الأقليات المسلمة.