«المتقدمة» .. وزيادة الثقة في السوق المالية
في قرار قد يكون مفاجئا ومستغربا أعلنت الشركة المتقدمة للبتروكيماويات أنها كانت تستثمر في إحدى الشركات المدرجة في السوق وأن نسبة استثمارها حاليا في الشركة التي لم تفصح عنها شركة المتقدمة يبلغ 10 في المائة – أي من رأس مال المتقدمة – أي ما يعادل 387 مليون ريال، وهو مبلغ يتجاوز 10 في المائة من صافي أصول الشركة وفقا لآخر قوائم مالية أولية مفحوصة، هذا الاستثمار تم على مراحل خلال عشرة شهور ماضية، ولم تعلن الشركة عن هذا الاستثمار إلى الآن التزاما بالشفافية – بناء على ما صرح به خليفة الملحم رئيس مجلس إدارة الشركة في لقاء له بقناة العربية - علما بأن الشركة لم تفصح عن الشركة التي تستثمر فيها باعتبار أنها ما زال لديها رغبة في الحصول على حصة أكبر من تلك الشركة في مستوى محدد لسعر السهم.
الإجراء الذي تم من قبل الشركة ليس جديدا، فكثير من الشركات العالمية والشركات المدرجة في السوق السعودية تمتلك حصصا في شركة مدرجة أخرى في السوق، فشركة مثل سابك تتملك في أكثر من شركة مدرجة في السوق المالية السعودية، وشركة المتقدمة ليست من الشركات الكبرى في السوق التي يمكن أن يكون أي إجراء تتخذه قد يمثل تحولا أو مؤثرا بشكل كبير في السوق في الأحوال الاعتيادية، ولكن الإجراء الذي تم أخيرا من قبل الشركة يعد إجراء ذكيا إذا ما كان تحلي الشركة للأمر دقيقا، إذ إن سبب استثمار الشركة هو أنها وجدت في الشركة التي حددتها فرصة حيث إن سعرها يقل عن السعر المستحق لها سوقيا وقيمة أصولها الحالية أعلى من قيمتها السوقية ما يعني أن المبلغ الذي خصصته شركة المتقدمة لاستثماره وتنميته في نشاطها يمكن أن يحقق عائدا أفضل في حال استثماره في الشركة التي حددتها باعتبار أن تكلفة إنشاء مشاريع ومبانٍ جديدة قد يكلف أكثر، كما أن ذلك قد يحتاج إلى سنوات لإتمام تلك المشاريع في حين أن استثماره في مشاريع قائمة قد يحقق عائدا فوريا وبتكلفة أقل، إضافة إلى الاستفادة من الاسم التجاري لتلك الشركة، وقد يحقق قيمة مضافة في سعر السهم بعد التحسن المتوقع لسعر السهم والسوق المالية بصورة عامة.
اللقاء الذي عرضته قناة العربية مع رئيس مجلس إدارة شركة المتقدمة لم يكن واضحا فيه اسم الشركة التي استثمرت فيها المتقدمة وذلك بناء على ما صرح به مجلس الإدارة أنه يهدف من إخفاء اسم الشركة إلى أن شركة المتقدمة ما زالت ترغب في زيادة حجم استثمارها فيها، وبالتالي سوف يتم الإعلان لاحقا عن اسم الشركة متى ما تحقق الهدف، وهذا الإجراء ذكي باعتبار أن كثيرا من المستثمرين لديهم القدرة على الوصول إلى اسم الشركة من خلال استقصاء الصفقات التي تمت خلال الأشهر الماضية، ويظهر أن المتقدمة حصلت على نصيب كافٍ مع إمكانية زيادة حجم استثمارها في حال استمرت مستويات الأسعار الحالية، وهذا قد يحقق زيادة في سعر السهم خلال الفترة المقبلة ما يعني تحقيق عوائد فورية لشركة المتقدمة ويزيد في حجم أصولها. استثمار شركة المتقدمة في شركة ما يعد شهادة لجودة السهم وأن سعره الحالي فرصة لتحقيق عوائد جيدة، خصوصا عندما نعلم أن شركة المتقدمة من الشركات الجيدة التي أدرجت خلال العقد الماضي والتي استمرت تنمو وتحقق قيمة مضافة للسهم ولقطاع البتروكيماويات وقد حققت لملاكها عوائد وقيمة مضافة للشركة.
قرار شركة المتقدمة يتوقع أن يقدم بعدا آخر للسوق المالية السعودية وهو أن السوق بأسعارها الحالية تعد فرصة جيدة للاستثمار خصوصا طويل الأجل، حيث إن العامين الحالي والماضي اتضحت فيهما معالم السوق المالية حيث إن أسعار النفط تميل إلى الاستقرار وأن السوق أخذت فرصة كافية لاستيعاب كثير من المتغيرات، واستثمار الفوائض المالية للشركات الجيدة في السوق يعني أن في السوق أسهما مقيمة بأقل من أسعارها المستحقة بكثير، وهذا لا يعني بالضرورة أن جميع الأسهم تعد فرصة جيدة للاستثمار لوجود التفاوت في الأداء بين الأسهم في السوق، كما أن المتغيرات الحالية والمتوقعة مستقبلا قد تجعل جاذبية بعض القطاعات والأسهم أكبر.
فالخلاصة أن الإجراء الذي تم من قبل شركة المتقدمة لشراء واحدة من الشركات في السوق بما يزيد على 10 في المائة من إجمالي أصول شركة المتقدمة يؤكد على أن في السوق المالية حاليا فرصا جيدة، خصوصا أن السوق المالية حاليا قد استوعبت كثيرا من المتغيرات خصوصا ما يتعلق بتقلبات أسعار النفط، والإجراءات الحكومية فيما يتعلق بالدعم التي تمت مطلع هذا العام.