العالم معركته مع الإرهاب مستمرة
لا يزال الإرهاب يجد مساحة له يتحرك من خلالها في العالم ويستغل من المجرمين العتاة من يستطيع توظيفهم لأغراضه القذرة ممن أغوتهم شهوة الدماء وإزهاق الأنفس البريئة، والأسوأ من ذلك كله أنهم يستخدمون الغطاء الديني لتبرير أفعالهم، في حين أن كل الأديان السماوية والقوانين البشرية والثقافات والقيم الإنسانية تدين وتجرم تلك الأفعال وتستنكرها لأنها ضد الحياة وضد الأبرياء.
لقد فجع العالم بالأمس بما جرى في مدينة نيس الفرنسية، حيث تمكنت الجماعات الإرهابية من تجنيد أحد المجرمين المعروف بسجله الجنائي للقيام بعملية قتل جماعية في اليوم الوطني لفرنسا باستخدام سيارة نقل ليقتحم بها حشود المحتفلين من مختلف جنسيات العالم وليذهب ضحية ذلك ما يقارب 90 نفسا بريئة، إضافة إلى الإصابات التي تجاوزت 200، منهم 50 حالتهم حرجة جدا.
ومثل هذا العمل تدينه الدول والحكومات والمنظمات الدولية والحقوقية وتستنكره الأديان وتعتبره عملا جبانا يندرج ضمن الأعمال الإجرامية الخطيرة التي تستهدف المدنيين والمنشآت العامة والخاصة، وتستهدف الأمن والاستقرار السياسي في دول العالم، بل هي جريمة عابرة للحدود تصيب كل من لديه حس إنساني ضد الإجرام، ولأن هناك اتفاقيات وتعاونا كبيرا على المستوى الأمني بين المملكة وفرنسا فإن جهود مكافحة الإرهاب التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في البلدين تكمل بعضها من أجل مواجهة الإرهاب ومن يحرض عليه ومن ينظر له ومن يتعاطف معه، فضلا عمن يقوم بدعمه بالمال والأفكار.
إن هناك خطورة بالغة لعمليات تضليل العقول وتلويث الأفكار وتمويل الإرهاب وجمع الأموال لمصلحة الجماعات الإرهابية كـ "داعش" وغيرها من المنظمات المسجلة في قائمة المتابعة، والأخطر من ذلك تغطية من يقف خلفها من المنظرين والأفراد، حيث يجب العمل على منع التعاطف مع هؤلاء المجرمين بالطرق القانونية والقضائية، ومن خلال قنوات التقنية الإلكترونية وهي في خدمة العدالة، حيث تتوافر المعلومات الأساسية عن الممولين والمؤيدين لتلك المنظمات الإرهابية سواء في الداخل أو الخارج.
لم تتراجع المملكة عن مسيرتها لجعل العالم أفضل، من خلال نشر السلم والسلام والأمن والطمأنينة، حتى عندما تعرضت لعدد من الهجمات طوال عقود. فالمسألة تتعلق بالمبدأ الذي يستند إلى سماحة الدين الإسلامي الرافض لكل أشكال العدوان والقتل دون وجه حق. إلى جانب اعتمادها الوسطية في كل ما يخص العلاقات الإنسانية. ووجدت أنه من الأهمية بمكان أن يكون حوار الحضارات قائما دائما، ولذلك أولته كل دعم مطلوب، من خلال المبادرات والمناسبات العالمية المختلفة، فضلا عن دعمها المالي لمثل هذا الحوار الإنساني الحضاري الذي يتماشى تماما في العقيدة الإسلامية ومعاييرها وشرعيتها. المملكة تحمي الدين الإسلامي بقيم هذا الدين، وليس بأي وسيلة أخرى. إنها المبادئ التي قامت عليها البلاد منذ التأسيس، وستتواصل وفق منهج مفتوح لمن يرغب في الانضمام إليه.