رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


استباحة الفلوجة

لا يمكن غض النظر عن التجاوزات التي تعرضت لها الفلوجة، فالأخبار والمشاهد الواردة من هناك تكشف عن فعل طائفي وعنصري واعتداءات تعرض لها جزء من السكان. ومن الواضح من خلال الفيديوهات التي يصورها المجرمون أنفسهم، أنه لا فرق بين ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية المتطرفة وعصابات داعش السنية المتطرفة.
وما توافر بين يدي من صور ومشاهد أشاع في نفسي الكثير من الحزن، وكنت أتمنى لو أن العراق استطاع أن يسمو عن تشويه تحرير الفلوجة من داعش بمثل هذه المماحكات الطائفية الأليمة.
إن ما شهدته الفلوجة ـــ التي تم حرق مساجدها، وسرقة منازل السكان الأبرياء وتشريدهم والإمعان في إهانتهم ـــ يؤسس لمزيد من الاحتقانات، التي كان المتفائلون ولا يزالون يأملون أن يتم تخفيفها.
ولكن من الواضح أن العالم العربي، بكل أطيافه، يواجه عملا ممنهجا يهدف لإيغار الصدور، ونشر الأحقاد، وأصبحنا نشهد استهدافا لكل الأطياف. فالمسيحيون العرب الذين عاشوا في المنطقة تعرض جزء منهم للتهجير من العراق وسورية ولبنان، وتزايدت حالات الكراهية والاستقطاب هناك بين الأطياف.
وعززت الأيادي الغريبة وجودها في الجسد العربي، فاستحالت المنطقة إلى مكان تشيع فيه الأمراض التي تتطلب علاجا ناجعا وسريعا، يفضي إلى احترام الإنسان وصون كرامته وماله وعرضه.
لقد شهدنا في الفلوجة وسواها تجاوزات من الحشد الشعبي لهذه المسائل، ومن المؤكد أن هذه التجاوزات صدرت من داعش أيضا.
ولا تنحصر تغذية الطائفية والكراهية فيما يفعله هذان التنظيمان، إذ إن تجار الكراهية يتزايدون.
والحل أن يتوافق عقلاء العرب على بناء عقد اجتماعي يحفظ لجميع أطياف المجتمعات العربية حقوقهم، فالنار التي تتأجج هنا وهناك، لا تزيدها محاولات الاستقواء والقهر سوى اشتعالا سيؤدي في النهاية إلى استمرار ضعف هذه المجتمعات وتدهور السلام والأمن فيها.
إن منطلقات داعش ومنطلقات الحشد الشعبي، وإن تباينت في الخطاب، لكنها توافقت في الهدف النهائي: قتل الناس، وتعزيز الكراهية بين الشعوب. يضاف إلى ذلك تأليب العالم، فالعنف والعنف المضاد يعكسان صورة غير سوية عن الحالة التي يعيشها كثير من المجتمعات العربية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي