هيئة السياحة و«العيد السعيد»
العيد مناسبة سعيدة، ويحاول المسلمون كافة أن يعيشوا سعادة العيد كبارا وصغارا، كما أنهم يحاولون أن يسعدوا من حولهم من الأهل والأقارب والفئات الضعيفة والمحرومة والفقيرة. ومن مظاهر السعادة في بلادنا الاجتماع مع الأهل والأقارب في قرى ومدن المنبع حيث يسافر الكثير من أهل المدن الرئيسة ليجتمعوا في قريتهم أو محافظتهم أو مدينتهم الأم وعادة ما يكون السفر برا (نحو 86 في المائة)، ويضطر بعضهم للسكن في الفنادق أو الشقق المفروشة وتأجير الاستراحات للتجمع فيها باعتبارها أكبر مساحة ومهيأة لمثل هذه المناسبات.
بطبيعة الحال تلعب نوعية وجودة الخدمات على طرق السفر ونوعية وجودة خدمات الشقق والفنادق والاستراحات دورا كبيرا في تحقيق السعادة أو خلافها، ولقد عايشت وسمعت الكثير من قصص النكد في أوقات العيد والإجازات التي يبحث الإنسان فيها عن لحظات السعادة والفرح للتخفيف من ضغوط العمل والحياة وغيرها وذلك بسبب سوء الخدمات على الطريق أو بسبب سوء جودة النُزل الفندقية والشقق والاستراحات رغم ارتفاع الأسعار.
الأمور من فضل الله تتطور للأفضل وفي يوم واحد قرأت خبرا سرني للارتقاء بنوع وجودة خدمات النزل حيث اشترطت هيئة السياحة على المستثمرين في قطاعات الإيواء التراثي والنزل الزراعية الحصول على موافقة الهيئة على تصنيف المباني كمبان تراثية أو إقامة المخيمات في المحميات البيئية وفق معايير وضعتها الهيئة بغرض الاستثمار السياحي وممارسة الأنشطة الترفيهية والسياحية، وسمعت أحد الأصدقاء يثني ثناء كبيرا على التطور الكبير في محطات الوقود على طرق السفر من جهة نوعية الخدمات وجودتها التي أصبحت تضاهي تلك المتوافرة في الدول المتقدمة والدول الخليجية التي سبقتنا في هذا المضمار، حيث يؤكد أن هذه المحطات أصبحت توفر جميع الخدمات ويمكن للمسافر أن يقضي بها ساعة أو أكثر من المتعة، فضلا عن الراحة.
بكل تأكيد نحن اليوم أكثر ثقة بما تطرحه الهيئة من معايير فيما يخص النزل الريفية بعدما شاهدنا ما حصل من تطوير ملحوظ في جودة خدمات محطات الوقود أو ما تسمى أحيانا استراحات الطرق الذي جاء تتويجا للجهود التي انطلقت من الاستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية التي كانت أول من أثار أوضاع استراحات الطرق السيئة، وسعت لاستصدار قرارات لإعادة تنظيمها وقامت بجهود مع شركائها من المؤسسات الحكومية وفي مقدمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الداخلية وإمارات المناطق والأمانات ووزارة النقل، وذلك لمعالجة وضع الخدمات في هذه المواقع المهمة.
ولا شك أن هذه الثقة جاءت أيضا مما حققته الهيئة من إنجازات في مجال تطوير مرافق الإيواء السياحي بعدما تم نقل اختصاصات الإشراف على قطاع الإيواء من وزارة التجارة والصناعة إلى الهيئة حسبما نص عليه قرار مجلس الوزراء رقم 78 وتاريخ 16/3/1429هـ المتضمن قيام الهيئة العامة للسياحة والآثار بإصدار الموافقات التشغيلية لمزاولة الأنشطة والمهن السياحية ومرافق الإيواء السياحي والإشراف عليها، وتنظيم مرافق الإيواء السياحي، وتصنيفها ومراقبة أدائها.
الكثير ممن أعرف أصبحوا أكثر سفرا في الإجازات والأعياد والمناسبات من المدن التي يعملون فيها لديارهم التي جاءوا منها وذلك بسبب يعود إلى جودة خدمات الطرق وجودة الخدمات الفندقية في الفنادق والشقق المفروشة والاستراحات وهو الأمر الذي جعلهم أكثر سعادة بالسفر الداخلي حيث زادت أسباب المتعة وتقلصت المنغصات، ولا شك أن ذلك سيولد سوقا سياحية أكثر نشاطا الأمر الذي يولد المزيد من الفرص الاستثمارية والوظيفية في هذا القطاع الذي يعتبر من أكبر القطاعات الخدمية المولدة للفرص الوظيفية والاستثمارية في مجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وهو ما نراه على أرض الواقع حيث أقبل المستثمرون من داخل البلاد وخارجها للاستثمار في مجال الخدمات السياحية من فنادق وشقق مفروشة وأسواق ومولات وغيرها، وأتوقع أن نرى طفرة استثمارية كبيرة في مجال النزل الريفية.
ويبدو لي أن من أسباب نجاح هيئة السياحة استراتيجيتها في بناء الشراكات مع الجهات المعنية إضافة لشراكتها مع إمارات المناطق لتطوير جميع الخدمات المعنية بالسياحة وسعادة السائح، وما لاقته هذه الاستراتيجية من قبول وتفاعل إيجابي مع الجهات المعنية كافة التي أسهمت هي الأخرى بشكل كبير في تحقيق رؤية هيئة السياحة ورسالتها وسياساتها بالتزامن مع تحقيق رؤاها ورسائلها في إطار النهضة التي تشهدها بلادنا في القطاعات كافة.
تبقى قضية مهمة وحاسمة في تحقيق السعادة والمتعة لكل المواطنين وهي توفير أنواعا متعددة من النزل الملائمة لجميع القدرات الاقتصادية للمواطنين بأشكال متعددة وهي قضية معقدة ومتشابكة وليست سهلة إلا أننا على ثقة برئيس هيئة السياحة الأمير سلطان بن سلمان وفريق عمله في إيجاد حلول جذرية ومن ذلك كما يبدو لي النزل الريفية التي يجب أن تكون أسعارها متناولة، حيث إن المزارع تستثمر أساسا في مجال الإنتاج الزراعي وبالتالي فإن التكلفة توزع على خدمات النزل والمنتجات الزراعية ولو عممنا فكرة استثمار الأراضي لأكثر من منتج أو خدمة منها الخدمات السياحية لخففنا التكاليف وبالتالي تمكنا من توفير خدمات سياحية بأسعار متناولة من فئات المجتمع كافة.
ختاما، طريق الألف ميل يبدأ بخطوة ولاشك أن هيئة السياحة والتراث التي انطلقت برؤية استراتيجية واضحة قطعت مسافات طويلة وحققت إنجازات كبيرة، وأعادت تشكيل الوعي والثقافة حيال السياحة ومكوناتها وتفاعل أجزائها، والأمل كبير في أن يتفاعل معها كل الشركاء بشكل أكبر للوصول لما يطمح إليه المواطن والمقيم من خدمات سياحية جيدة ومتناولة في المجالات السياحية كافة.