ثروتنا السيادية .. قوة استثمارية
تؤكد الأرقام مجددا أن المملكة تتمتع بأصول مالية جيدة، على الرغم من هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية أكثر من 60 في المائة، واستمرارها عند مستويات متدنية قياسا بما كانت عليه قبل عامين. وهذه الأصول، إضافة إلى السمعة العالية لاقتصاد السعودية عالميا، إلى جانب الخطة الاستراتيجية "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المرافق لها، فضلا عن الاحتياطيات المالية الكبيرة، كلها عوامل تسهم اليوم في تعزيز الحراك السعودي نحو آفاق اقتصادية ليست جديدة فحسب، بل مختلفة عما كانت عليه في السابق. وضمنت مزيدا من الثقة العالمية بهذا الاقتصاد، الذي تجلى في اهتمام مؤسسات عالمية كبرى بالحراك السعودي، بغية الدخول إلى السوق المحلية باستثمارات في مختلف القطاعات، خصوصا في ظل القوانين والتشريعات الجديدة التي تدعم ذلك.
وحفاظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على مركزه الـ 13 عالميا، ضمن قائمة الصناديق العالمية الكبرى، هو بحد ذاته تقدم كبير في زمن تراجع العوائد النفطية بصورة هائلة؛ فالسعودية باتت تسيطر الآن على 10.5 في المائة من الثروات السيادية في العالم بأكثر من 758 مليار دولار. في حين بلغ إجمالي قيمة صناديق الثروة السيادية عالميا 7257 مليار دولار. مع ضرورة الإشارة إلى أن حصة الاستثمارات التي تديرها مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) بلغت 598.4 مليار دولار، تشكل 8.2 في المائة من إجمالي الصناديق. وهذه النسب والأرقام آتية في الواقع من معهد صناديق الثروة السيادية، المنظمة العالمية الحيادية التي تعتمد المعايير المستقلة بأعلى درجة من الشفافية.
هذه الحقائق تسهم في دفع عجلة بناء اقتصاد السعودية بوتيرة أسرع، خصوصا في ظل قيادة الحراك الاقتصادي من أعلى هرم الحكم في البلاد. فخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يقوم بمتابعة شخصية لمجمل الحراك الاستراتيجي الهائل، بل إنه تقدم جميع المسؤولين بدعوة المؤسسات الاستثمارية العالمية لدخول السوق السعودية وفق المعايير والأسس الوطنية. فساحة المملكة مؤهلة الآن أكثر من أي وقت مضى، لشراكات استثمارية تنموية كبرى، وهي قادرة على استيعاب كل شكل من أشكال الاستثمار وكل حجم لها أيضا. والأصول المالية مع الإصلاحات الاقتصادية التاريخية أيضا توفر مزيدا من القوة للأرضية الاستثمارية، سواء لأولئك الآتين من الخارج، أو لرؤوس الأموال الوطنية والعربية.
أفضل ما تقدمه المملكة بالفعل، حقائق موجودة على الأرض، والسعودية لم تدخل في تاريخها حراكا اقتصاديا يقوم على أوهام، كما حدث في عدد من البلدان، وكانت النتيجة، أن هذه البلدان انهارت مع أول أزمة حقيقية تتعرض لها. كل شيء مطروح على الساحة في المملكة واضح بما يكفي لطمأنة أي جهة تسعى لدخول السوق المحلية. مع الأصول المالية الكبرى والمضمونة، والسياسات الاقتصادية الجديدة المرنة، تقدم المملكة أفضل أرضية للحراك الاستثماري لكل القطاعات التي تصب في مسيرة تنفيذ "رؤية المملكة 2030". فالضمانات عالية الجودة، تشكل بحد ذاتها "أصولا" يفتقر إليها كثير من البلدان التي تتحرك صوتيا لا عمليا.
ومن المؤشرات المهمة التي تحاكي المستقبل، أن السعودية تمضي قدما في رفع أصول صندوق الاستثمارات العامة إلى مستويات تجعله يتربع على رأس قائمة الصناديق السيادية حول العالم. وكل ذلك مرتبط بعمليات تنفيذ "رؤية 2030" وفق الجدول الزمني الموضوع لها. إن الأصول السيادية مع مخططات استراتيجية تاريخية توفر أفضل الأسس لاقتصاد سعودي وطني يقوم على الحقائق وعلى استحقاقات المستقبل، بصرف النظر عن طبيعتها.