رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


معلومات مضللة عن تغير المناخ

يرى بعض الأكاديميين المشاركين في مؤتمرات الدراسات النفسية لتغير المناخ أن أكبر العقبات التي تعترض مساعي إنقاذ المناخ ليست فنية أو اقتصادية أو سياسية، بل هي استراتيجيات إنكار المعلومات التي يتم اعتمادها لحماية المنظمات من المعلومات غير المرغوب فيها.
وفي حين أنه قد يكون صحيحا أن ما يقرب من 80 في المائة من الناس يدعون أن القلق ينتابهم بشأن تغير المناخ، إلا أن النظرة المتعمقة تشير إلى أن الناس يميلون ميلا ملحوظا لتحديد هذا الاهتمام بطرق تبقيه بعيدا عنهم قدر الإمكان. فتجدهم يصفون تغير المناخ بأنه مشكلة عالمية (وليست مشكلة محلية)، ومشكلة مستقبلية (ليست قائمة أثناء فترة حياتهم)، وينأون بأنفسهم عن مسؤولية التسبب في المشكلة أو السعي لحلها.
وإلا ففي ظل قوة الإجماع العلمي (جميع أكاديميات العلوم الوطنية في العالم تقر بأن البشر يتسببون في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض)، فما الذي يدعو كثيرا من وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم لمواصلة إيجاد الارتباك وزرع الشك بدلا من إعلان حالة الطوارئ؟ وعليه فمن المهم إجراء دراسات نفسية عن إنكار المناخ؛ وهو مصطلح أفضل من مصطلح التشكيك في الرأي، حيث إن التشكيك ينطوي على فحص دقيق للأدلة.
وفضلا عن الضغوط الخفيفة التي ستقع على أولئك الذين سيسبب لهم الإيمان بقضية تغير المناخ إزعاجا وشعورا بعدم الارتياح (ودعونا نقر بأنها ليست فكرة مريحة لأي واحد منا) فهناك مزيد من القوى الصريحة المقاومة لذلك. حيث سيؤثر إدخال تشريعات لتجنب الكارثة المناخية بشكل مباشر على أرباح بعض الصناعات، وخاصة شركات الوقود الأحفوري.
وعلى سبيل المثال فقد تبين أن شركة "كوتش" الصناعية – وهي شركة نفط أمريكية خاصة غير مشهورة – دفعت ما يقرب من 50 مليون دولار أمريكي لمجموعات ونشطاء الإنكار المناخي بين عامي 1997 و2008م. وفي فترة مماثلة دفعت شركة "إكسون موبيل" ما بين 17 إلى 23 مليون دولار أمريكي في المجال نفسه.
وتلك المجموعات التي تروج بنشاط للتشكيك في الآثار المناخية منظمة بشكل جيد، ونطلق عليها "مجموعات الإنكار" بدلا من "التشكيك" لأن عديدا منهم يظهرون احتراما ما للحقائق، بينما يتحرقون شوقا لأي خطأ في عمل علماء المناخ.
وقد لا يكون مفاجئا أن عمالقة الوقود الأحفوري مثل شركة "كوتش" – ثاني أكبر شركة خاصة في أمريكا – وغيرها كثير في جميع أنحاء العالم يقومون بتخصيص جزء كبير من دخلهم الهائل لتمويل حملات سياسية للتصدي لأي من التشريعات البيئية أو غيرها من التشريعات التي قد تعوق أرباحهم الضخمة.
وفقا لمجلة "العلوم الأمريكية" - وهي أطول مجلة من حيث تواصل إصداراتها في الولايات المتحدة، حيث توفر لقرائها الأخبار الفريدة حول التطورات في العلم والتقنية منذ أكثر من 170 عاما – فإن شركة "إكسون" كانت على علم بعملية تغير المناخ في وقت مبكر منذ عام 1977م أي قبل 11 سنة من تحولها إلى قضية عامة، ووفقا لتحريات حديثة فإن هذه المعرفة لم تمنع الشركة (المعروفة الآن باسم "إكسون موبيل" وهي أكبر شركة للنفط والغاز في العالم) من قضاء عشرات السنين رافضة الاعتراف علنا بعملية تغير المناخ، بل إنها كانت تروج المعلومات المناخية المضللة. وهو المنهج الذي قارنه الكثيرون بمنهج شركات التبغ في التعامل مع المخاطر الصحية للتدخين. حيث كانت كلتا الصناعتين واعية أن أرباحها ستتأثر كثيرا حال فهم الناس مخاطر منتجاتها، لدرجة أن الصناعتين استخدمتا الاستشاريين أنفسهم لوضع استراتيجيات لكيفية التواصل مع الجمهور.
ومنظمة السلام الأخضر هي منظمة رائدة في تنظيم الحملات المستقلة التي تستخدم الاحتجاج السلمي والتواصل الإبداعي للكشف عن المشكلات البيئية العالمية وتعزيز الحلول التي تعد ضرورية لتحقيق مستقبل أخضر وسلمي، وهي تعرف إنكار التغير المناخي بأنه "سعي أي شخص لاعتراض أو تأخير أو محاولة عرقلة الخطوات السياسية التي تتماشى مع الإجماع العلمي الذي يقضي أننا بحاجة إلى اتخاذ خطوات سريعة لإزالة الكربون من الاقتصاد".
وكجزء من "رؤية المملكة لعام 2030م" للاستدامة والتقدم البيئي، يمكننا أن نلعب دورنا عبر نشر الكلمة من خلال عديد من الشبكات والمنصات مثل الـ"فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما، ويمكننا أن نجعل مزيدا من الناس على بينة من هوية المنظمات المناهضة لإنقاذ المناخ وكشف "الخبراء" الذين تستثمر فيهم الأموال في وسائل الإعلام لكتابة التقارير والمنشورات والظهور على شاشات التلفاز للتشكيك في الحكمة من اتخاذ إجراءات لإنقاذ المناخ.
ويظل تغير المناخ حاضرا كتهديد كبير يتطلب الانضباط، والتضحية، والتدخل الحكومي غير المسبوقين. ونحن نعتقد اعتقادا راسخا أن المملكة العربية السعودية بموجب "رؤية 2030م" تلتزم بشكل لا يمكن إنكاره بمواجهة هذه التحديات والتهديدات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي