إلا الحرمين الشريفين
عندما قررت الولايات المتحدة أن خطر الشيوعيين يهدد أمنها القومي، بدأت معركة ضارية ضد كل المنتمين إلى الفكر الشيوعي وتولت رأس الحربة في هذه العملية المنظمة إدارة المباحث الفيدرالية. رصدت المباحث كل من له علاقة أو اتصال أو حتى حضور للفعاليات التي كانت تنظمها الأحزاب الشيوعية.
تمت ملاحقة عدد كبير من الأمريكيين والأجانب، وألغيت مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها هؤلاء في المجتمع "الديمقراطي". أصبحت كل المكالمات والتصريحات واللقاءات تحت نظر المباحث حتى من كتبوا سيناريوهات الأفلام أو مثلوا فيها أو أسهموا ماليا في تمويل أي أعمال إعلامية وقعوا تحت المقصلة.
تذكرت كل هذا وأنا أتابع حديثا ممجوجا لأحد "مدعي" الحرية والليبرالية يناقش فيه المعطيات والمتطلبات والنوافذ والمسببات والحيثيات التي أدت بشخص مجرم لانتهاك حرمة مسجد ـ رسول الله صلىالله عليه وسلم ـ ومدينته التي قال عنها "إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها" وزاد سعد بن أبي وقاص "ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء".
لا عذر أو ذريعة لمن انتهكوا هذه الحرمات التي لا يقبل انتهاكها أي مسلم مهما كان انتماؤه وولاؤه. فقد بلغ السيل الزبى وفقدت المناصحات صداها وابتعد الظالمون في غيهم، واستغلالهم عقلانية المسؤول ومحاولات الجهات المختصة أن تعيدهم إلى الطريق القويم.
هؤلاء لا خلاق لهم، وليسوا بأهل دين بل إنهم أعداء الملة والإنسانية، هناك الكثيرون ممن آن الأوان للتعامل معهم بحد السيف، فلا مجال اليوم لكل التنظير الذي انتشر قبل انتهاك مسجد رسول الله صلىالله عليه وسلم. بل إن الواجب اليوم يملي علينا أن نسمي الأشياء بأسمائها مهما كانت النتائج.
اليوم لا مكان لحقوق الإنسان أو حرية التعبير أو التفكير بقلب حنون، لم يعد هناك مجال للتغاضي عن الفوضى التي ينشرها هؤلاء لتدمير الأمة من خلال استهداف قيادتها وتاريخها وأهم رموزها.
كل من يتعامل مع هؤلاء أو يعرف أيا منهم أو يشك فيه لا بد أن يتقدم ويبلغ حتى لو لم يكن متأكدا فالمعلومة تؤكدها الأخرى.
كما أن اكتشاف أن أحدا سكت عن هؤلاء هو مدعاة لتجريم الساكت أو المجامل أو من يرى في ترك هؤلاء رحمة وهي في الواقع جريمة تنال الإسلام في قلبه.