تحدثوا عنهن
"ما يخسي إلا هو"، كانت آخر جملة نطقتها الممثلة الأمريكية التي قامت بدور ابنة سعودي عاش وعمل في الولايات المتحدة سنين طويلة، ثم شعر بالغيرة على ابنته عندما رآها ترتبط بشاب "إفرنجي"، فقرر أنه لن يسكت على هذه "المهزلة". عاد للوطن ليحاول أن يغير مفاهيم وقناعات بناها في ذهن وروح ابنته ذات العشرين عاما.
الاعتقاد أن هذه قصة خيالية غير صحيح، الواقع أن عددا غير قليل ممن فتنتهم الحياة في الغرب في سني الشباب، اكتشفوا بعد 20 عاما أو أكثر، أن هناك بعدا مختلفا للحياة، وأنه لا يمكن أن تلغي قناعات غرست في تكوين الإنسان في طفولته وسنوات حياته الأولى.
يحدثني زميل أن أحد كبار المستشارين الباكستانيين في مكان عمله تخلى عن مزايا وراتب عاليين ليعمل في السعودية مقابل ربع ما يحصل عليه هناك بسبب رفضه للقيم وأسلوب التعارف والزواج في البيئة الغربية. الواقع أن كثيرين يعيشون هذه المعضلة وقليل منهم يستطيع أن يخرج منها سليما كما فعل هذا المستشار، الأغلب يصبح مجرما أو ضحية لقانونين مختلفين يرى أهلهما الحياة من منظورين بزوايا مستقيمة.
عندما نعود للنظر للمزايا التي تحصل عليها أي من الفتاتين المسلمة وغير المسلمة، نجد أن الفروقات تبدأ في الظهور منذ الصغر، ففي حين تضطر إحداهما لأخذ حقوقها والدفاع عن نفسها ومواجهة ما يرمى في طريقها من المشكلات والتحديات، تبقى الثانية باحثة عمن يحميها ويدافع عن حقوقها. هنا تتكون شخصيتان مختلفتان، تجعل إحداهما تطالب في النهاية بأن تكون مستقلة وصاحبة قرار نفسها.
تستمر الثانية ضمن حماية قوانين وأشخاص يحددون مصلحتها، لكننا في النهاية نعلم أن تلك الحدية في التعامل مع المرأة تولد كائنين لكل منهما مزاياه وعيوبه. هنا تبدأ العلاقة بين المرأة ومجتمعها الصغير في تكوين كم كبير من القلق والحيرة لأسرة، والراحة والرضا لأخرى.
أين الصحيح من هاتين البيئتين وأيهما على حق، أمر يقع ضمن قضايا أسمى وهي قضايا العفة والفضيلة التي تحاول كل الأديان أن تصبغ بها منتسبيها، بما يحمي الأسرة ويضمن لها الاستقرار والثبات والديمومة، أمر لا يمكن أن نطلقه على البيئة الغربية الليبرالية التي ترى في حقوق المرأة وسيلة لحمايتها وهي في الواقع أكبر وسائل تدمير مستقبلها.