رسوم المدارس الأهلية
تحدثت أمس عن أهمية العناية بجودة التعليم في المدارس بشكل عام، خصوصا الأهلية التي لديها القدرة على التفاعل مع التطوير والتحديث وإعادة التنظيم بشكل أكثر درامية وكفاءة. إن الحديث عن تطوير البنية التحتية للمدارس الخاصة يستجلب موضوعا أكثر أهمية وهو مدى الحاجة إلى تحويل المدارس كلها إلى هذا النظام التفاعلي.
يهمني هنا أن تبقى مسؤولية الدولة عن ضمان تعليم متفوق وكفء لكل المواطنين، فليس من الضروري أن تكون المدارس الخاصة حكرا على فئة اجتماعية أو اقتصادية معينة، فنحن عندما نغلب المدارس الخاصة نعمل على بناء منظومة يمكن من خلالها أن يحصل الجميع على نوعية التعليم نفسها والفرص نفسها في سوق العمل - لاحقا.
دفعني لهذا البحث ما شاهدته خلال الفترة الماضية من تنافس غريب من قبل المدارس الخاصة على رفع رسومها الدراسية. إن ربط تطوير المحتوى العلمي والبنيوي بزيادة الرسوم أمر قد يكون مبررا عند البعض "وليس عندي"، لكن أن يكون المحتوى هو نفسه وعدد المقاعد في الصف يتناقص والمساحات المخصصة للنشاط والعمل اللامنهجي تخسر مواقعها لمبان دراسية جديدة، فهذا يعني أن العملية تجارية بحتة ليس فيها عناية بالطالب وأسرته والالتزامات التي تفرضها عملية التعليم في المدرسة الخاصة على ميزانية الأسرة.
أذكر أنه خلال سنوات لا تتجاوز الـ 20 ارتفعت رسوم بعض المدارس بنسبة تجاوزت 400 في المائة، هذا الرقم الذي لا يسنده تطوير في المحتوى أو زيادة في الفائدة المرجوة من العملية التعليمية، يدفعني للمطالبة بالتوقف عند الوضع العام لهذه المدارس ووضع تسعيرات محددة مبنية على مستوى المدرسة وما تقدمه للطالب في تكوينه الفكري والبدني.
إن العناية بمتابعة المدارس والتأكد من التزامها بأسعار معقولة يبني الفكرة السابقة التي تجعل من الوزارة جهة منظمة ومراقبة لكفاءة الأداء، وممولة لبعض الطلبة الذين لا تسمح أوضاع أسرهم المادية بأن تلحقهم بمدرسة خاصة. إن المحافظة على مستوى معين من التكلفة الاقتصادية، ودعم ذلك بالمطالبة بمستوى عال من المنشآت والمعلمين والمناهج أمر يحقق الرؤية التي تضمن لكل مواطن حقه في التعليم المجاني عالي المستوى، ويضمن للشركات العاملة في القطاع نسبة معقولة من الأرباح.
مع أن الأولى أن تكون المدارس ومؤسسات التربية جميعا تابعة لجهات غير ربحية تهدف للتطوير وليس المادة.