خدمة الحاج والمعتمر
قامت المملكة على التوحيد. هذه القاعدة الأساس في بناء الدولة وبقائها وتمسك كل مكونات الشعب بها، ظلت الميزة الأهم للمملكة على مر الأعوام. عندما نشاهد أيا من مظاهر الحفاظ على الدين ومنحه السيطرة على قبول أو رفض أي سلوك أو تطور أو تغيير مهما كانت أهميته، نرجع دوما للقاعدة الأساس وهي الإسلام الذي بنيت الدولة على التمسك به.
يؤدي أمر كهذا إلى توقع وقبول كل ما نراه من السلوكيات الإيجابية التي نراها في البلاد من المسؤولين والمواطنين في هذا الإطار. بل إن كل القرارات المهمة والمصيرية تقاس على قاعدة القبول الشرعي، وهنا تأتي الحالة العامة من النقاش المهم الذي يتم في أروقة المجالس ودوائر القرار فيما يخص الفكر والثقافة الشرعية والعلاقة المهمة بينها وبين التنوع الاجتماعي في مختلف مدن المملكة.
العمل الجاد في سبيل تبني كل الطروحات الفكرية وتقبل الخلاف وإشاعة روح الحوار كوسيلة للوصول لما يوافق الشرع الحنيف فيما نقوم به أو نخطط له من تطوير في مختلف المجالات، يدفع بالكثير من التقبل للاختلاف المحمود وهو ما نراه يسيطر على الواجهة الثقافية والفكرية والمجتمعية مساهما في المزيد من التعايش والتقبل المحمود للآخر.
لعل دعوة الملك عبد الله - رحمه الله - للحوار والقبول بالاختلاف كانت الشرارة التي بدأت هذا الكم الكبير من الحوار والنقاش الذي يخدم بلا شك مسيرة التعايش والنمو والتطور التي نحتاج إليها في هذا العالم المتسارع. دعوة خرجت من لدن قائد بنى رؤيته على التفاهم وقبول الآخر، كأسلوب حياة.
إن المملكة، وهي مهبط أفئدة كل المسلمين، مطالبة بتجسيد هذه الروح في كل ما يشاهده من يأتي إليها من أقصى بقاع الأرض من المسلمين وغيرهم, وعندما نجسد روح المحبة والتسامح وقبول الآخر في سلوكياتنا ورؤيتنا وتعاملنا مع الأحداث التي تدور حولنا، فنحن نؤكد رؤية قيادتنا ومفاهيم الوطن الأساس التي بني عليها ويستحقها بحكم موقعه ومسؤوليته التاريخية والجغرافية والدينية.
هذا يدفع بالكثير ممن يشاركون في خدمة المعتمر والحاج لتجسيد هذه الروح بتصرفات بسيطة، لكنها ذات أثر هائل في كل من يشاهدها أو يعايشها فعلا، فقيام جندي بحمل حاج أو معتمر أو تدليك قدميه عندما يراه منهكا يأتي ممثلا لواقع ومفاهيم وقناعات يتبناها الجميع، والشواهد كثيرة ولله الحمد.