رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أعقد طلاق في العالم وتأثيراته الاقتصادية

رفض المصوتون البريطانيون بانسحاب أو طلاق بلدهم من الاتحاد الأوروبي نهاية الأسبوع الماضي (52 في المائة) نصائح حكومتهم وحكومات حلفائهم وغالبية المختصين الاقتصاديين، مفضلين استعادة السيطرة على بلدهم. ويلحظ تقارب توزع الرأي بين من هم دون 50 عاما، أما غالبية كبار السن فمع الطلاق. طبعا تثار أسئلة عن تأثير هذا الطلاق، والجانب الاقتصادي هو موضع اهتمام هذا المقال.
تراجعت البورصات الغربية بصورة قوية نسبيا يوم الجمعة الماضي. لكن التراجع لم يصب كل شركة. على سبيل المثال، ارتفعت أسهم شركة راند قولد للذهب. ومتوقع انخفاض في نمو الاقتصاد البريطاني على المدى القصير. وتأثير هذا الانخفاض معقد بعض الشيء.
ماذا بشأن المدى البعيد؟ يرى كثيرون والكاتب معهم أن من الصعب معرفة أو توقع العواقب الاقتصادية بعيدة المدى للخروج من الاتحاد الأوروبي.
ترى وكالة موديز للتصنيف الائتماني يوم الجمعة الماضي أن تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي يؤثر سلبا في التصنيف الائتماني السيادي لبريطانيا. وقالت الوكالة في بيان "هذه النتيجة تحمل في طياتها فترة طويلة من الضبابية بشأن السياسات وستفرض ضغوطا على الأداء الاقتصادي والمالي للمملكة المتحدة". من المهم التأكيد على هذه النقطة. زيادة الضبابية تقلص من تدفق الاستثمارات والثقة، وكلاهما يضغطان سلبا على النمو.
قيمة الجنية الاسترليني تجاه العملات الرئيسة الأخرى تعد من أولى أدوات التنبؤ الاقتصادي المالي خاصة على المديين القصير والمتوسط لبريطانيا.
انخفضت قيمة الجنيه انخفاضا قويا مع بوادر ظهور أن بريطانيا في طريقها للانسحاب من الاتحاد، ووصل إلى أقل مستوى له منذ 31 عاما. ومتوقع استمرار هذا الانخفاض على المديين القصير والمتوسط. ارتفع الدولار وانخفض سعر النفط. كما تكبدت أسهم المصارف في بريطانيا يوم الجمعة الماضي خسائر بلغت عشرات المليارات من الجنيهات.
انخفاض العملة يعمل على زيادة تكلفة السلع والخدمات المستوردة. ويسهم في زيادة نسبة التضخم داخل بريطانيا. بالمقابل، ستصبح الصادرات البريطانية أرخص نسبيا.
لخفض تأثيرات الطلاق السلبية، وأعلن بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) عن تخصيص نحو 250 مليار جنيه لدعم أسواق المال. ومتوقع أن تتزامن مع إجراءات الطلاق تعديلات وإصلاحات في المالية العامة والسياسات الاقتصادية. ومن ذلك أن تلجأ الحكومة البريطانية إلى خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب أو خلطة بين الاثنين.
لتخفيف التضخم، قد يلجأ مصرف إنجلترا (بنك بريطانيا المركزي) إلى رفع سعر الفائدة على الجنيه. ولكن هذا الرفع له آثار سلبية أهمها زيادة تكلفة القروض للإسكان وغير الإسكان. وتتوقع وزارة الخزانة البريطانية أن ترتفع معدلات تكلفة القروض بنحو 1 في المائة زيادة على معدل التكلفة قبل الطلاق. وزيادة تكلفة القروض تؤدي إلى ارتفاع الإيجارات. بالطبع رفع سعر الفائدة ليس أمرا حتميا. فقد تحدث هزات اقتصادية من نوع آخر تدفع بنك إنجلترا إلى إبقاء سعر الفائدة أو ربما خفضها.
ماذا بشأن التأثير في أسعار العقارات؟
سبق أن حذر صندوق النقد الدولي من أن الطلاق يمكن أن يؤدي إلى خفض قوي في أسعار العقارات البريطانية. ويرتبط ذلك جزئيا بتوقع رفع سعر الفائدة بعد حدوث الطلاق. أما الحكومة البريطانية فقد توقعت انخفاض أسعار العقارات بنحو 15 في المائة مقارنة بالأسعار المتوقعة على المديين القصير والمتوسط في حال رفض الطلاق أي التصويت بالبقاء في الاتحاد الأوروبي. ومتوقع أن يكون معدل الانخفاض في لندن أعلى من غيرها. هذا خبر سار للراغبين في الشراء وليس الملاك حاليا.
ما تأثير الطلاق في الأجور والبطالة في بريطانيا؟
اختلفت الآراء بين متوقعين لانخفاض الأجور وزيادة البطالة وآخرين متوقعين عدم حدوث ذلك بصورة ملحوظة. أسباب الاختلاف كثيرة. منها أن إجراءات الطلاق تتطلب عامين على الأقل، وهي مدة طويلة نسبية، وستحاول تخفيف الأضرار قدر الإمكان. ومنها تقدير مدى تأثير انخفاض الجنيه في الصادرات والواردات.
ماذا بشأن الادخار والاستثمار؟
رفع سعر الفائدة يعتبر خبرا مفرحا لأصحاب المدخرات المصرفية. لكن بالمقابل متوقع أن تصبح الأسهم البريطانية أقل جاذبية للمستثمرين على المدى القصير. ولكن هذا الكلام عام، فالشركات البريطانية المعتمدة على التصدير ستستفيد من انخفاض الجنيه، وتزيد أرباحها بعكس الشركات التي تعد مستوردة.
أما على المدى الطويل، فالأمر يعتمد على أداء الشركات ومكاسبها في المقام الأول. وعموما يصعب التكهن بالعواقب والآثار على المدى البعيد.
وهناك شركات خليجية ذات أعمال دولية، رتبت لتكون بريطانيا وعادة لندن مركز خدماتهم لدول الاتحاد الأوروبي. هؤلاء محتم عليهم إعادة التفكير في ترتيباتهم.
ماذا بشأن تكاليف السفر وتوابعه؟
انخفاض قيمة الجنيه يقلل تكلفة السفر إلى بريطانيا ويرفع عادة تكلفة السفر إلى الخارج على البريطانيين. ولكن صعب تقدير الانخفاض أو الارتفاع، حيث يعتمد الأمر على معرفة تفاصيل كثيرة مثل هل تسعر تكلفة الرحلة بالجنيه أو بعملة أخرى؟
ما التأثير في شركات الطيران؟
فيما يخص سوقنا المالية الخليجية عامة والسعودية خاصة، لا يتوقع وجود تأثير مباشر له قيمة في أسواق الأسهم الخليجية. لأن الارتباط ليس بقوي ظنا والطلاق يتطلب وقتا طويلا. أما على القطاع المصرفي فقد أوضح محافط مؤسسة النقد أن التأثير المتوقع في القطاع محدود نظرا لمحدودية انكشافه على اليورو أو الجنيه.
مر الاستفتاء وانتهى بهدوء، فليتنا نتعلم هذا الهدوء في خلافاتنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي