الخطر القادم
تتسارع الأحداث هذه الأيام ونشاهد أمورا لم نكن نتوقع حدوثها في أي عالم سواء كان حقيقيا أو خياليا. يأتي النبأ الصاعق الذي سبب كما هائلا من ردود الأفعال في المجتمع بكل مكوناته الواقعية والافتراضية. مواقع التواصل والمساجد والتجمعات تتحدث عن الشابين اللذين قتلا والدتهما وأصابا أباهما وأخاهما في مقتل ولكن الله أنجاهما، ولا أدري أي نجاة هذه التي سيعيشانها بحرقة وألم مقتل الأم وكون الابنين هما الفاعلان، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
أعزي الأسرة المكلومة وأعزي الوطن بأسره فقد تفاعل الجميع مع هذه الحادثة، وحق لهم أن يفعلوا. الحادثة هي خروج فاضح عن كل القيم والتعاليم والأخلاقيات التي قد نتهم البعض بتحديها. نعم فقد فعل هذان المجرمان ما لم يكن أحد يتوقع أن يفعله إنسان أو حيوان.
جاءت الحادثة لتذكر بأننا حتى وإن سكنا أحدث الأحياء، وتوافرت لنا كل وسائل السعادة والرفاهية، فنحن في حالة حرب مع من يجتهدون في قتل كل ذلك. المتآمرون على الوطن وعلى الدين وعلى كل مكونات المجتمع موجودون، وتزدهر تجارتهم مع ميلنا الخطير للتراخي والتباعد الأسري الذي فرضته التقنية ومشاغل الوقت.
علينا أن نبدأ بعملية استعادة لكثير من القيم والسلوكيات التي أفقدتنا إياها تلك الملهيات فجعلت الأب والأم لا يعلمان أين أبناؤهما ولا ماذا يفعلون في حياتهم ولا من يتصلون به سواء في الواقع أو في العالم الافتراضي. ما حدث بالأمس يمكن أن يحدث في أي بيت من بيوتنا ما دمنا لا نستطيع التواصل مع أبنائنا وبناتنا ونسمح لهم بالبحث عن حلول متاعبهم ومشكلاتهم لدى آخرين يستغلون ضعفهم وقلة حيلتهم في تجنيدهم لتنفيذ أجندات فاسدة مفسدة خطيرة على كل المجتمع.
أحذر هنا، وقد سبق أن حذرت من مخاطر هذه الانفلاتة الواضحة في الوضع الأسري. أحذر هنا، وقد حذرت من ترك الأبناء والبنات ساعات طويلة مع من لا يعرفونهم في ألعاب السوني ومواقع "تويتر" و"فيسبوك" وغيرها من وسائل التأثير على التفكير والقرار الذي يتخذه من هم ضمن مسؤوليتنا.
في مقالي الوقاية من مخاطر "تويتر" المنشور هنا في 28 مايو الماضي ألمحت إلى مفهوم التخاطر غير المرئي أو ما يسمى علميا "subliminal stimuli" الذي لا أشك أن هذين الشابين كانا تحت تأثيره ...وغدا أكمل.