رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


حاجة البيئة لمزيد من المبادرات

أطلق برنامج التحول الوطني لعام 2020 كخطة مرحلية من مراحل رؤية المملكة لعام 2030. ويحتوي البرنامج على أهداف ينبغي الوصول إليها لـ24 جهة حكومية قائمة على القطاعات الاقتصادية والتنموية. وتضمنت أهداف عدد من المؤسسات الحكومية بعض الأهداف البيئية. ووضع أهم هدف من أهداف حماية البيئة المتضمن بشكل رئيس مكافحة التلوث ضمن أهداف وزارة الاقتصاد والتخطيط، حيث نص الهدف الاستراتيجي السادس للوزارة على تفعيل البعد البيئي باعتباره إحدى ركائز التنمية المستدامة. استخدمت الوزارة ترتيب المملكة في مؤشر الأداء البيئي العالمي كمؤشر أداء للبعد البيئي. وتستهدف الوزارة رفع ترتيب المملكة من المرتبة 95 عالميا في عام 2015، إلى المركز 50 في عام 2020، ولا شك في أن هذا الهدف طموح وجيد لو تم تحقيقه. وحتى لو سلمنا بقدرة وزارة الاقتصاد والتخطيط على تفعيل السياسات البيئية فإن عليها أن تنشئ إدارات متخصصة لمراقبة وتفعيل الأنظمة البيئية، كما أن عليها القيام بمبادرات كافية لتحقيق هذا الهدف. ولم تتضمن مبادرات وزارة الاقتصاد والتخطيط ضمن برنامج التحول الوطني إلا مبادرتين متعلقتين بالبيئة، الأولى هي تعديل النظام العام للبيئة، والثانية هي إيجاد إطار تنظيمي لتفعيل إدارة النفايات في السعودية. ولا أعتقد أن هاتين المبادرتين كافيتان للوصول للهدف المنشود.
ستقوم جهات أخرى ببعض المبادرات المرتبطة بالبيئة ضمن برنامج التحول الوطني. فقد تضمنت أهداف وزارة البيئة والزراعة والمياه عددا من الأهداف البيئية، التي من أبرزها زيادة كفاءة استهلاك المياه، وتوفير مزيد منها، وزيادة الاستفادة من مصادر المياه المتجددة، وزيادة معالجة مياه الصرف الصحي، وتنمية المنتزهات الوطنية، وزيادة مساحتها للفرد بنحو خمسة أضعاف. ومن المستغرب أن لا تحتوي أهداف وزارة البيئة - وهي المسؤولة الأولى عن حماية البيئة والعين الساهرة عليها - أي إشارة عن التلوث وكأن الموضوع لا يخصها أو خارج إطار اهتماماتها.
تضمنت أهداف وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أهدافا مهمة لتحسين الوضع البيئي، لعل من أبرزها رفع كفاءة استخدام الوقود في توليد الطاقة الكهربائية من 33 في المائة إلى 40 في المائة، وخفض معدلات انبعاثات الكربون. ولتحقيق ذلك تحتاج الوزارة إلى استثمارات كبيرة في قطاع التوليد لرفع الكفاءة. من جهة أخرى يصعب خفض انبعاثات الكربون في ضوء النمو القوي المتوقع في معدلات نمو استهلاك الطاقة خلال السنوات الخمس القادمة، ما لم يحدث زيادة كبيرة في إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، وتصاعد في إنتاج الغاز الطبيعي، واستثمارات ضخمة لرفع كفاءة محطات توليد الطاقة الكهربائية. ومن النواحي الإيجابية، تضمنت أهداف الوزارة أهم الأهداف التي يمكن أن تسهم في الحد من انبعاثات الملوثات في أجواء مدن السعودية ألا وهو خفض محتويات الكبريت في أنواع الوقود الرئيسة. ويصبو هدف الوزارة الاستراتيجي الثاني عشر إلى خفض محتويات الكبريت في البنزين من 10 آلاف جزء من المليون عام 2015 إلى 10 أجزاء من المليون عام 2020، وخفضه في الديزل خلال الفترة نفسها من 500 إلى عشرة أجزاء في المليون. ولو تم تنفيذ هذا فإنه سيكون أهم إجراء لخفض ملوثات الهواء يتخذ منذ زمن طويل. وكان من المفاجئ أن يحتوي البنزين المبيع في السعودية في عام 2015 على نسبة عالية من الكبريت، حيث تصل نسبة الكبريت إلى نحو 1 في المائة، وذلك كما هو وارد في وثيقة التحول الوطني. وهذه النسبة تعني أن مدينة مثل الرياض ينطلق في أجوائها ما يزيد على ألف برميل من الكبريت يوميا وهو معدل كبير قاد مع الزمن إلى تراكم كميات كبيرة من الملوثات في أجوائها. من جهة أخرى لم تتطرق أهداف ومبادرات وزارة النقل لأي شيء مرتبط بالبيئة، على رغم من أهمية النقل ومساهمته الكبيرة في التلوث. وكان المفترض أن تتضمن خطط الوزارة مبادرات لرفع المعايير البيئية للمركبات، وزيادة تفعيل أنظمة فحص المركبات البيئي. ومن الأمور الإيجابية أن تحتوي مبادرات مدينة الملك عبدالله للطاقة على بعض المبادرات لدعم توليد الطاقة المتجددة، ولكنها محدودة ولا تكفي حتى لتغطية النمو المتوقع في الطلب على الطاقة الكهربائية.
تضمن برنامج التحول الوطني عددا من المبادرات حول البيئة وكان من المأمول أن تتخذ مبادرات أكثر فعالية من هذه المبادرات، حيث يتطلب الوضع البيئي الحالي وخصوصا جودة الهواء مبادرات أكثر وأقوى للحد من الوضع المتفاقم لنوعية الهواء في مدن السعودية الرئيسة. كما لم تتضمن مبادرات التحول الوطني أي خطوات عملية لمراقبة أو الحفاظ على مخزون الثروة السمكية. وتفرض عديد من دول العالم حصصا على صيد الأسماك لاستدامة الثروة السمكية. وختاما لم يرد في مبادرات الجهات البلدية أي ذكر لإبعاد أماكن حرق النفايات والملوثين عن المدن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي