القهوة .. وسيلة للإعدام
شربك فنجالا من القهوة بالذات صباحا دليل على أنك مثقف ومتحضر، صور أكوابها وفناجيلها في وسائل التواصل الاجتماعي توحي لمتابعيك أنك في قمة الشاعرية والرومانسية والسلام الداخلي ودليل عندهم على فكرك العميق!
وهي أكثر مشروب في العالم دار حوله جدل منذ اكتشافها وإلى اليوم لم تتمكن الدراسات من إثبات نفعها أو ضررها المطلق بل يزداد عدد شاربيها بشكل مذهل كل ثانية حتى بلغ معدل استهلاكها حول العالم أكثر من 800 مليار فنجال في السنة بنسبة تزايد بلغت 1.5 في المائة سنويا أي 12 مليار فنجال! قديما كانت الهجمة ضدها شرسة جدا حتى وصل ببعض الحكام في القرن الـ17 إلى فرض عقوبة الإعدام بحد السيف على شاربها واعتباره مجرما مثل ما حدث في الإمبراطورية العثمانية خلال حكم مراد الرابع! حيث كان السلطان مراد عازما على القضاء على شربها نهائيا، فكان يسير في الشوارع ومعه من يحمل السيوف، ومن يشربها كانت تُقطع رأسُه فورا. وقبلها كان شاربها يحبس في حقيبة جلدية ويقذف بهما في النهر ومع ذلك استمر الناس بشرب القهوة، رغما عن حد السيف!
وحتى علماء الدين والأطباء كانوا يحذرون منها لأن شاربها كان يقوم بتصرفات لا تليق كما تؤدي إلى جفاف السائل الشوكي وبالتالي الشلل! بينما يرى مؤرخ القهوة "مارك بيندرجراست" مؤلف كتاب Uncommon Grounds أن الحظر كان له علاقة بالسياسة! أما في السويد وخلال حكم الملك جوستاف الثالث في القرن الـ18 على الرغم من أنه كان من دعاة التنوير، فألغى التعذيب، وسمح بحرية الصحافة، وعزر التسامح الديني. لكنه، كان كارها للقهوة، معتقدا أنها تشكل تهديدا كبيرا على الصحة فبدأ حربه ضدها بقرار تقنين استهلاكها هي والشاي.
وفرضت عليهما الضريبة، حتى تم حظر القهوة تماما. وعلى عكس المتوقع، فقد تنامت تجارتها وزاد عدد محبيها!
ولأنه كان مقتنعا تماما بضررها، بينما العلم في ذلك الوقت لم يثبت ضررها، قرر القيام بتجربة غريبة يثبت للناس فيها صدق اعتقاده، ولم يكن أمامه سوى شقيقين محكوم عليهما بالإعدام نتيجة ما اقترفاه من جرائم، ففضل بدل أن يعدمهما، سجنهما مدى الحياة بشرط أن يشرب أحدهما القهوة يوميا، والآخر عليه أن يشرب الشاي مدى الحياة!
وكان جوستاف واثقا مِن أن مَن حكم عليه بشرب القهوة سيموت نتيجة التسمم من هذا المشروب، لكن ما حدث كان مفاجأة، فقد عاشا حتى بلغا الـ80 وشارب القهوة كان أطول عمرا من شارب الشاي والمفارقة المحزنة أن الملك توفي قبلهما دون أن يرى نتيجة تجربته.