ما المبتعث إلا «رسول» لوطنه
حديث الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد خلال استقباله للطلبة السعوديين المتميزين في الجامعات الأمريكية خلال زيارته الحالية لواشنطن عندما طالبهم بأن يكونوا واجهة مشرفة لوطنه، ذكرني بقصة أحد الأصدقاء عندما كان مبتعثا قبل سنوات للخارج.
هذا الصديق تغيرت سلوكياته بشكل كبير عندما ابتعث إلى الولايات المتحدة، ونقل لي بعض من زملائه في الابتعاث أنه استقام بدرجة كبيرة، والتزم بشكل دقيق في أداء شعائر دينه، وتجرد من بعض السلوكيات الخاطئة التي كان يقوم بها عندما كان في الرياض.
عاد الصديق من أمريكا بعد أن أنهى دراسته هناك بتفوق والتقيته وسألته قائلا "ما شاء الله عليك.. لم يزدك الابتعاث إلا استقامة بعكس كثير من الطلاب المبتعثين.. ما الذي غيرك رغم الحرية وبعدك عن أعين الناقدين؟"، وكان رده مذهلا وما زال عالقا في ذهني رغم مرور السنوات.. يقول الصديق وهو يتحدث عن استقامته المفاجئة، "عندما وصلت إلى أمريكا بدأت أشعر بالغربة والوحدة، لم أر سعوديا واحدا طوال أيامي الأولى هناك وبدأت أحدث نفسي قائلا: كل تلك الأعين التي تراني في مقر السكن والدراسة والشوارع والأسواق لا شك أنها ستأخذ انطباعا عن الشعب السعودي برمته من خلال سلوكياتي.. بدأت أشعر وأنا في أمريكا بأني لا أمثل نفسي بل كل السعوديين، وولد لدي يقين تام بأني لست مبتعثا أطلب العلم والشهادة، بل أنا هنا "رسول" لبلادي وديني أيضا".
يستطرد الصديق قائلا "ومن هنا بدأت في الحرص على أن تكون سلوكياتي مثالية وأن أظهر بأحسن مظهر وأنا أتعامل مع الآخرين، لم أرغب في أن أنقل صورة غير جيدة عن بلادي وشعبي، وأصبحت مع مرور الوقت أستلذ وأستمتع بتلك السلوكيات المثالية التي قدمتها في البداية ظاهريا حتى غدت مغروسة في داخلي وكأني أعدت تربية روحي ونفسي من جديد".
لا شك أن المبتعث أو السائح حتى رجل الأعمال كثير التنقل بين البلدان بحثا عن العقود ما هو إلا "رسول" لبلاده وواجهة لوطنه، فهو لا يمثل نفسه بل يمثل ملايين من شعبه ويجدر به أن يكون واجهة مشرفة للسعودية وهو ما نأمله من كل السعوديين المسافرين للخارج سواء للدراسة أو السياحة أو لأي سبب آخر.