زيارة عمل متكاملة لخدمة المصالح السعودية
كما كان متوقعا، تثمر الزيارة الاستراتيجية المهمة التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد للولايات المتحدة، مجموعة من الصفقات المتنوعة، تختص بعدد من القطاعات. وتأتي هذه الصفقات في وقتها حقا، مع إطلاق "رؤية المملكة 2030" ومعها "برنامج التحول"، الذي يتضمن سيلا من المشاريع التنموية الاستراتيجية المتنوعة. والمؤسسات الكبرى في الولايات المتحدة أبدت منذ اليوم الأول لإطلاق "الرؤية" اهتماما، بل استعدادا لدخول السوق السعودية، مستندة في ذلك إلى وضوح "الرؤية"، وتمتع اقتصاد المملكة بمزايا لم تتراجع نوعيتها حتى في ظل التراجع التاريخي الهائل لأسعار النفط. فالسعودية تبني اليوم اقتصادا جديدا مختلفا تماما عما كان عليه في السابق، وهي قادرة على المضي في تنفيذ "برنامج التحول"، في حين وجدت مؤسسات مالية مستقلة أنه ليس هناك أي ثغرة في "الرؤية" الجديدة المطروحة.
ولأن الحراك الاقتصادي السعودي بات ينشد التنويع، فقد كان طبيعيا توقيع اتفاقية مع شركة "6 فلاقز" الأمريكية التي تعنى بمجالات الترفيه. لقد أكدت حتى المؤسسات العالمية المستقلة، أن السعودية تتمتع بقدرات هائلة في هذا المجال الحيوي، رغم أنها لم تقم في السابق باستثمارها. ودخول الشركة الأمريكية للمجال السعودي، يعطي الضوء الأخضر لبقية الشركات في اختصاصات أخرى متنوعة لأن تخوض هذا المجال، مع وجود تسهيلات كبيرة، ومرونة تشريعية باتت جاذبة بالفعل لكل المؤسسات الأجنبية. ولعل من أهم النقاط في هذا المجال، الاهتمام المباشرة للقيادة العليا في البلاد باستقطاب الاستثمارات في المرحلة المقبلة، وجاء ذلك مباشرة من الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة.
وقطاع الترفيه السعودي له خصائص كبيرة وعالية الجودة، ويمكن أن يستقطب مزيدا من المؤسسات الغربية وغير الغربية لولوجه، ولا سيما أنه مسنود بقوة اقتصادية ذات قيمة عالية. والصفقات التجارية التي تمت خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان، تعزز مرة أخرى الحراك الاقتصادي برمته، وتدفع بالاتجاه المقصود، وهو بناء اقتصاد مستدام يشكل في النهاية اقتصادا كليا. وقد أعطت زيارة ولي ولي العهد بعدا جديدا لأي نشاط استثماري أجنبي جديد في المملكة، وهذا ما توضح من خلال اصطحابه وفدا تشكل من كل الاختصاصات الرسمية والتجارية والتنموية والطاقة، وغيرها. إنها زيارة تدعم أواصر العلاقات الاقتصادية والسياسية بين المملكة والولايات المتحدة، وتبني مزيدا من الجسور لهذه العلاقة تتناسب مع التحولات الراهنة على الساحة المحلية في السعودية.
إن الاتفاقية التي وقعت مع "6 فلاقز" واحدة من سلسلة صفقات تختص بعدد من القطاعات، وهناك اهتمام سعودي واضح بقطاع التكنولوجيا، وبدا ذلك جليا من خلال حرص الأمير محمد بن سلمان على زيارة "وادي السيليكون" في الولايات المتحدة، لما يشكله هذا المكان الحيوي، الذي يحاكي المستقبل، من أهمية على الصعيد التكنولوجي والتطور الرقمي الذي يصب في نطاق اقتصاد المعرفة. هناك تفاهمات واتفاقيات تعاون فني في المجال الصناعي تتضمن التعاون في تنمية الصادرات الصناعية، وأخرى تستهدف تنمية التجارة البينية بين الطرفين، وغير ذلك، مما يدعم توجهات المملكة الاقتصادية الراهنة. وكلها تتناغم مع اتفاقات مماثلة عقدتها السعودية مع بلدان ذات وزن اقتصادي كبير. فالأجواء كلها مواتية لكل قرار تتخذه الجهات الراغبة في الاستثمار في المملكة.
زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، هي زيارة عمل متكاملة، تأتي في وقت يتطلب بالفعل تطوير العلاقات مع واشنطن بما يخدم المصلحة الوطنية السعودية. ومثل هذه الزيارات الاستراتيجية تحمل نجاحها معها دائما، لأنها ببساطة تستهدف خدمة الحراك الاقتصادي السعودي في وقت التحول التاريخي الكبير الذي تعيشه المملكة.