الحكمة استراحة على كتف الطريق
يسألني الأخ الحبيب عبد الله الفهيدي، ما الحكمة؟
لا أدعي أني سأصل لتفسير دقيق، أو معنى ساطع الوضوح عن الحكمة.. ولكن يمكن لقرائي الغالين أن يعتبروا ما سيقرأونه شعورا مرسلا أكثر من كونه تفسيرا علميا.. فلا تفسير علميا للحكمة، لأن الحكمة وجدانية لدنية.
انظروا إلى أن الأفكار تيار متدفق لا يقف، وهي أفكار متفاوتة بعضها بسيط وبعضها سيئ وبعضها خاطئ، وبعضها عميق، وبعضها طيب، وبعضها صحيح.
أين الحكمة؟ الحكمة هي الفطنة الخفية التي تنتبه برمش العين في التقاط الأفكار الصالحة، وترك الأفكار الطالحة. الحكمة لا مكان لها، ولا زمان.. الحكمة فضاء، وهذا الفضاء ليس مطلقا بل هو الذي يكون بين تيار الأفكار، أو أن الحكمة هي السباحة المستمرة في فيض الفكر والأفكار.
تحتفل المجتمعات بالذكاء الظاهر وبالأذكياء، وهذا جيد ومن المتطلبات الأساسية في إظهار المجتمعات ومن سبل تقدمها، ولكنها تغفل وكذلك الأفراد عن الذكاء اللدني، أو الداخلي أو الوجداني، وهو ذلك الذكاء الذي يكون مثل الإشارة في النظام المروري التي تنبهك، متى تهدأ، ومتى تقف، ومتى تمضي في ظرف بنفسه، أو في اختيار حل من بدائل متعددة. هذا الذكاء اللدني هو الحكمة.
والحكمة تخرج عن مسار التفكير المعتاد، هي تفكير خارج المسار.. يمكنك أن تسير بشكل عادي تلقائي في طريق، والحكمة هي تلك الاستراحة خارج كتف الطريق، فالحكمة تحتاج للثبات كي يمارس هذا الذكاء الداخلي دوره المهم لجعل حياتك أقل مشكلات وأكثر صفاء ما أمكن.
الحياة ضوضاء من كل نوع، والحكمة كي تبدأ حركة الذكاء والفطنة الداخليين لا بد أن نصمت الأشياء حتى يعم الهدوء، فالهدوء واجب لإعمال الحكمة، والضجيج يخيفها ويطردها..
المكان ضاق ولم نمس قشرة الحكمة بعد، الحكمة التي هي ضالة المؤمن..
وأرى أن من الحكمة أن تنتهي المقالة هنا.