رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل طاقة الاندماج النووي هي وقود المستقبل؟

ليس هناك مصدر مثالي للطاقة، فكل مصدر له مزاياه وله نقاط ضعفه. وبحلول عام 2050، قد تحدث زيادة في استهلاك الطاقة إلى الضعف أو إلى ثلاثة أضعاف بسبب كل من الزيادة المتوقعة في عدد سكان العالم من 6 إلى 9 مليارات نسمة، وبسبب تحقيق مستويات معيشة أفضل. ومن ثم فلن تستطيع تقنية واحدة الوفاء بهذا الطلب. ونظرا إلى أن كل تقنية لها نقاط قوة ونقاط ضعف فسوف تكون هناك حاجة لإيجاد مزيج من مصادر الطاقة لمواجهة تحديات أمن الطاقة والتنمية المستدامة وحماية البيئة. وحتى أكثر التوقعات تفاؤلا تشير إلى تعرض أحفادنا لمستقبل مجهول. وربما الأهم من ذلك والأقرب بالطبع هو حقيقة أن حرق الوقود الأحفوري يعد السبب رقم واحد بين أسباب ظاهرة الاحتباس الحراري ونتائجها الكارثية.
وبالنسبة للسعودية فنحن بحاجة إلى ابتكار مصادر طاقة بديلة الآن أكثر من أي وقت مضى، وخياراتنا في ذلك محدودة. فهناك عدد قليل من الخيارات الممكنة التي من شأنها الحفاظ على مستويات الرخاء التي قد تتوقعها الاقتصادات الصناعية الحديثة. ويمكن لخيارات إمدادات الطاقة المستقبلية أن تشمل الوقود الأحفوري، والانشطار والاندماج النووي، والطاقة المتجددة.
وفي الوقت الحاضر يتم إنتاج 80 في المائة من الطاقة في العالم المتقدم من الوقود الأحفوري. والمشاكل البيئية التي تشمل ظاهرة الاحتباس الحراري، وآثار التلوث الحمضي، وتناقص إمدادات الوقود جميعها تعني أن الاعتماد على الفحم والغاز والنفط يجب أن يصبح مقيدا وبشدة.
طاقة الاندماج النووي هي تلك الطاقة الموجودة في نواة الذرة، والذرات هي الجسيمات الصغيرة التي تشكل الكون كله وكل ما يحتويه. وهناك قوة هائلة من الطاقة هي التي تستطيع الحفاظ على تماسك الذرات معا. والمدهش بخصوص الطاقة النووية هو أنه يمكن استخدامها لتوليد الكهرباء. وحتى يتم "تحرير" الطاقة (أي إنتاج الكهرباء) يجب أن يحدث أحد أمرين، إما الاندماج النووي وإما الانشطار النووي.
والاندماج هو عملية الجمع بين العناصر لإطلاق الطاقة، وهي العملية المفاهيمية التي تطلق طاقة النجوم وفقا لعلماء نوويين وعلماء آخرين كثر. وفي عملية الاندماج النووي يمكن تحرير الطاقة عندما تتحد كل الذرات معا لتشكيل ذرة كبيرة جدا، وبهذه الطريقة تستطيع الشمس إنتاج الطاقة. أما في الانشطار النووي فتنفصل الذرات وتنقسم عن كل الذرات الأخرى لتكون ذرة أصغر بكثير، ثم تتحرر الطاقة. وبهذه الطريقة تنتج محطات توليد الطاقة النووية الكهرباء.
وإذا أردنا تلبية الطلب المتنامي على الكهرباء في جميع أنحاء العالم من دون زيادة كبيرة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فإننا سنحتاج إلى أشكال جديدة مستدامة بيئيا من الكهرباء لتلبية تطلعات سكان العالم الآخذين في النمو. ولا شك أنه يجب المحافظة على تنوع إمدادات الكهرباء، ومن بين الاحتمالات المستقبلية الواعدة لمواجهة تحدي مزيج الطاقة هذا الاعتماد على طاقة الاندماج النووي.
وسيستمر الانشطار النووي في تقديم إسهام كبير في مجال توليد الكهرباء ولكن نموه قد يتقيد بمشاكل القبول العام والقبول السياسي. وتعتمد إمدادات مصادر الطاقة المتجددة على الظروف البيئية، وبالتالي فهي ليست مضمونة الثبات، كما أنها تخضع لتحديات تقنيات تخزين الطاقة أيضا. ولتحقيق التوفير المستمر من كهرباء الحمل الأساس، فنحن نحتاج إلى مصادر طاقة غير متفاوتة ويمكن التنبؤ بها. وهذا يعني الاعتماد على الوقود الأحفوري والانشطار النووي على المدى القصير، ومن ثم إضافة طاقة الاندماج النووي بمجرد أن تصبح متوافرة.
وقد بدأت بحوث الاندماج النووي في عام 1950 في إنجلترا. وفي عام 1968 طور الروس أول تفاعل في مفاعل توكوماك باستخدام الحصر المغناطيسي. وفي عام 1991 أنتج المفاعل الأوروبي المشترك توروس (JET) 1.7 ميغاواط، وبعد ذلك بعامين أنتجت مفاعلات توكوماك لاختبار الاندماج في الولايات المتحدة (TFTR) 10 ميغاواط، وحاليا يوجد نحو 25 مفاعلا تجريبيا عاملا. والأكثر طموحا هو المفاعل الاختباري النووي الحراري الدولي (ITER) قيد الإنشاء حاليا في فرنسا، الذي يرجى منه تحقيق 500 ميغاواط خلال نحو 1000 ثانية. ولا يتوقع ظهور أي منشأة تجارية في هذا الإطار قبل عام 2050 تقريبا.
وتحمل طاقة الاندماج النووي احتمال وجود مصدر طاقة لا ينضب تقريبا للأجيال القادمة، ولكنها تحمل أيضا تحديات علمية وهندسية لا يمكن التغلب عليها حتى الآن. وبالتالي فإن طاقة الاندماج النووي يمكن أن يكون لها دور رئيس في سوق الطاقة في المستقبل، حاملة تقديرات عديد من العلماء والاقتصاديين لإنتاج ما لا يقل عن 20 في المائة من الكهرباء في العالم بحلول عام 2100.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي