رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الزيارة الناجحة للولايات المتحدة .. المرتكزات والنتائج

ليس من قبل المصادفة أن تلفت "رؤية المملكة العربية السعودية 2030"، وبرنامج التحول الوطني 2020 الذي انبثق عنها، اهتمام الحكومة الأمريكية، ورجال الاقتصاد والمال، والشركات العملاقة، فعالم المال والأعمال لا يعترف سوى بالعمل المنظم والدقيق، فمن المعروف أن رأس المال جبان، ومهما كانت طبيعة العلاقات بين البلدين، فإن المسألة الاستثمارية لها قواعدها الخاصة لدى الشركات العالمية الكبرى ولا تحكمها السياسة بقدر ما يحكمها الربح والخسارة، لا يوجد مسؤول كبير في إحدى الشركات يرغب في أن يجد نفسه تحت المساءلة أو في خارج الشركة لأنه اتخذ قرارات لم تكن في مصلحة المساهمين، ومصالح المساهمين دائما مع ما يعظم منافعهم الحالية والمستقبلية، فالاهتمام يأتي كمحصلة أساسية لما قدمته الرؤية من عمل منظم وفرص استثمارية حقيقية وتغيرات في واقع البيئة الاقتصادية السعودية. ولأن القرار الاقتصادي مستقبلي بطبيعته، فإن ما يهم المستثمرين في العالم هو الواقع الاقتصادي للمملكة في المستقبل ومدى قدرة هذا الواقع على التعايش مع المتغيرات الاقتصادية المتعددة، ومهما قيل عن التصنيفات الائتمانية لوكالات التصنيف فإن إقبال المستثمرين على أي اقتصاد هو دليل لا يمكن دحضه على سلامة بنية الاقتصاد ومركزه.
لقد كانت زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، مهمة جدا، ليس من أجل تعزيز العلاقات السعودية الأمريكية فقط، ولا من أجل إثبات مكانة المملكة ودعمها للاقتصاد العالمي؛ فلم يعد أحد يشك في قدرة المملكة على ضمان استقرار الاقتصاد العالمي، خاصة بعد مساهمتها الضخمة واللامحدودة في دعم النمو العالمي إبان الأزمة المالية التي عصفت بالجميع. لكن اللقاء هذه المرة يأتي من أجل أن تتضح "رؤية المملكة 2030" ومعالم الاقتصاد السعودي في المستقبل، وفي هذا رسالة بالغة الأهمية على أن القيادة تأخذ القضية الاقتصادية في المملكة باهتمام بالغ. ففي الماضي ونظرا لأن المملكة كانت تعتمد في اقتصادها على النفط الذي تباشر الدولة جميع اختصاصاته من التنقيب إلى التوزيع إلى التحصيل للمالية العامة، فلم نكن بحاجة ماسة إلى تفهم العالم الآخر لقضيتنا الاقتصادية، ولم نكن بحاجة إلى دخول الشركات الأجنبية، لكن الوضع الاقتصادي العالمي اليوم لم يعد يرتكز على النفط، بل نحن بحاجة إلى شركاء من جميع أنحاء العالم، ونريد اقتصاد المعرفة وابتكار القيمة، وفي هذا فهناك دول كثيرة في العالم سبقتنا إلى هذه المجالات، ونحن بحاجة إلى شركاء ومستثمرين جادين، ما يحقق للاقتصاد صناعة محلية متنامية سواء من المصنعين المحليين أو من الشركات الكبرى، وفي نهاية الأمر سينجح الاقتصاد في تخفيف فاتورة الاستيراد الباهظة، وحتى نصل إلى كل هذا فإننا بحاجة اليوم إلى عمل دؤوب من أجل إقناع الآخرين بالتحولات الاقتصادية الجارية، وأننا نسير في طريق صحيح، ولابد أن يأتي هذا الإقناع أساسا من القيادة نفسها، ومن تعهداتها بهذه التوجهات والإصلاحات. ولأن الولايات المتحدة ما زالت تقود العالم الصناعي، ولم تزل التبادلات الدولية تتم من خلال الدولار الأمريكي فإن الترحيب الأمريكي بهذه التحولات ومشاركة رجال الأعمال والشركات الأمريكية في السوق السعودية تقدم الكثير من الدعم لمشاركة دول وشركات عالمية أخرى. وفي مثل هذه الظروف فقد كان التمثيل العالي المستوى في اللقاءات بين البلدين مهما جدا، ولعل اللقاء الناجح بين ولي ولي العهد والرئيس الأمريكي باراك أوباما يقدم دعما لمصداقية البلدين في المشاركة الاقتصادية في المستقبل.
فمن المعروف بداهة أن الصناعة الأمريكية تهتم بشكل أساس باستقرار مصادر الطاقة في العالم، واستقرار الأسعار على المديين المتوسط والطويل، والمملكة حكومة وشعبا حريصة على هذا الاستقرار، ولكن وفق خطة مستقبلية واضحة تضمنتها "رؤية المملكة 2030"، لهذا كان اللقاء الذي جمع بين الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد والرئيس الأمريكي مرتكزا على تفاصيل "رؤية المملكة العربية السعودية 2030"، وما انبثق عنها من برامج مثل: برنامج التحول الوطني 2020، والعلاقة بين هذا العمل أضخم واستقرار السوق العالمية، ولهذا لمس الجميع حرص الرئيس الأمريكي على معرفة تفاصيل "رؤية المملكة 2030"، وخرج اللقاء بإيجابية كبيرة تعكس مستوى العلاقات البناءة بين البلدين.
كما قام ولي ولي العهد خلال زيارته بلقاء عديد من صناع القرار في الولايات المتحدة على رأسهم وزير الخارجية الأمريكي ووزير الدفاع الأمريكي، ووزير الخزانة، ووزيرة التجارة، والممثل التجاري الأمريكي، وممثل المجلس الاستشاري للشؤون الاقتصادية، كما التقى عديدا من الخبراء ومن بينهم خبراء معهد "كارنيجي" للسلام، والمجلس الأطلنطي، في كل لقاء كان العمل مرتكزا على استعراض مفصل لـ"رؤية المملكة 2030"، والعناصر الأخرى المتعلقة بها، التي تهم كل متخذ قرار في الحكومة الأمريكية. ولأن العمل الناجح منذ بدايته ينتهي إلى نتائج إيجابية فقد أكدت عديد من الشركات رغبتها في التوسع في الاستثمار أكثر في المملكة. وقد منح ولي ولي العهد أول ترخيص عمل لأول شركة أمريكية للعمل في المملكة، وهي خطوة مهمة في زيادة معدل المنافسة في السوق المحلية، كما تمت دعوة (ناشونال جيوجرافيك) ليكونوا شركاء مع المملكة في الأبحاث حول الطبيعة، وطبيعة المملكة الجغرافية، وتاريخها الحضاري من خلال وسائلهم الإعلامية، إضافة إلى الدخول في شراكات بحثية مع عدة مراكز سعودية، كما تم منح أول ترخيص للاستثمار في المملكة لشركة "داو كيميكال"، و"3 إم" و"فايزر" المعروفة، والمفاوضات جارية حول دخول شركة أبل للسوق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي