رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الأمير محمد بن سلمان في واشنطن .. زيارة غير عادية

تولي الجهات الأمريكية العليا أهمية كبيرة لزيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حتى قبل أن تبدأ هذه الزيارة. فهي استراتيجية بكل معنى الكلمة، وتأتي في وقت حساس ليس فقط للمنطقة بل للعالم أجمع. كما أنها عكست (بمجرد الإعلان عنها)، الجوانب الثابتة في العلاقات بين الرياض وواشنطن، وحرص الطرفين على تمتين الجسور القائمة فعلا، وإقامة جسور أخرى جديدة، تأخذ في الاعتبار التطورات الاقتصادية والسياسية المتلاحقة، ولا سيما في أعقاب إطلاق "رؤية المملكة 2030" ومعها برنامج التحول، وهي رؤية أبدت جهات أمريكية اقتصادية كبرى اهتمامها بها، من حيث الخوض في الجوانب الاستثمارية فيها. يضاف إلى ذلك، التطورات الخطيرة في غير دولة عربية، ولا سيما في سورية والعراق، وغيرهما.
وعكست أهمية الزيارة تعاطي المسؤولين الأمريكيين معها، خصوصا أنها شاملة لدرجة جمعت جهات عدة من المؤسسات السياسية الأمريكية، إضافة طبعا إلى الاجتماعات الواسعة والمتنوعة مع الجهات الاقتصادية الخاصة. وكان ولي ولي العهد واضحا حول مجمل القضايا، بما في ذلك الإرهاب الذي بات يشكل القضية الأهم، في ظل التراخي العالمي لمجابهته في السنوات القليلة الماضية، إلى جانب التأكيد مجددا على التدخلات الخطيرة لبعض الدول في شؤون البلدان الأخرى، ما فاقم أوضاع هذه الأخيرة. وتكفي الإشارة هنا إلى دور إيران التخريبي الذي يتزايد يوما بعد يوم، في بلدان عدة وفي مقدمتها سورية والعراق واليمن، والأعمال المشينة التي تمولها في بلدان مثل البحرين والكويت، وحتى السعودية. فالنظام الإيراني يشكل تهديدا حقيقيا لكل المنطقة، بل للاستقرار العالمي أيضا.
ولهذه الأسباب تكمن أهمية مناقشة الأمير محمد بن سلمان، الأمن والاستقرار ومعالجة النزاعات الإقليمية في البلدان التي تشهد أحداثا خطيرة تتفاقم يوما بعد يوم. ومواقف المملكة واضحة بهذا الشأن، ويمكن اختصارها في أنها تسعى وتعمل من أجل إنهاء الأزمات الخطيرة بأسرع وقت ممكن، ولكنها في الوقت نفسه تريد تفعيل أكبر للدور العالمي في حل النزاعات، وكذلك إيقاف تدخلات النظام الإيراني التي باتت معلنة رسميا من قبل طهران. ومما لا شك فيه، أن المملكة تطرح أطرا متجددة لتمكين الحرب ضد الإرهاب. وهذا الأخير نال من السعودية قبل أن ينال من بلدان كثيرة غيرها. ليس هناك حلول وسط في الحرب على الإرهاب من الجانب السعودي، فقد كانت الرياض مبادرة تاريخيا في طرح الوسائل والإمكانات لدعم هذه الحرب المشروعة والعادلة.
اتفق المسؤولون الأمريكيون على أن المحادثات التي جرت حتى الآن مع ولي ولي العهد مثمرة جدا حول كل القضايا التي طرحت، وسارعوا بالإعلان عن هذه الحقيقة كل في موقعه. وبالنظر إلى المفهوم السعودي لحل القضايا المطروحة، فإن تفاهم المملكة والولايات المتحدة الجديد سيسهم في تحقيق الأهداف المرجوة على مختلف الأصعدة، بما في ذلك الإرهاب، والأزمات التي تعانيها بعض بلدان المنطقة. دون أن ننسى الدور الإيراني التخريبي الذي بات يمثل حجر الزاوية لهذه الأزمات، من خلال وجود قوات إيرانية علانية في بلدان عربية مختلفة، ناهيك عن عناصر المخابرات والعصابات في عدد آخر من الدول. فالتفاهم بين بلدين محوريين، والتنسيق المستند إلى علاقات تاريخية قوية، يزيدان من وتيرة الحلول المطلوبة لكل شعوب المنطقة المظلومة.
زيارة ولي ولي العهد للولايات المتحدة، تشكل في النهاية رافدا ليس جديدا بل متجددا تحتاج إليه العلاقات بين البلدين، إضافة طبعا إلى احتياج المنطقة بل العالم له. مع ضرورة التركيز على العوائد الاقتصادية الجديدة الناجمة عن التحول السعودي المحلي التاريخي، الذي له أيضا روابط عالمية في مختلف المجالات المطروحة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي