رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«الصدمة»

من أجمل البرامج الرمضانية التي شدت المشاهد العربي هو برنامج "الصدمة" وفكرته تقوم على تجسيد مشاهد تمثيلية تمس إحدى قيم المجتمع من قبل مجموعة من الممثلين ويتم التصوير في مكان عام دون أن يشعر الجمهور بذلك، ثم نراقب ردود أفعالهم الإنسانية تجاه هذه المواقف وهم يشاهدون قيم المجتمع وأخلاقياته تمتهن في إطار من الاستفزاز وعدم الاحترام!
الأمر الذي يثلج الصدر حقا هو ذلك الوعي الاجتماعي والأخلاقي الذي يبشر بالخير، فنسبة كبيرة من الجمهور لم تقف متفرجة أمام هذه المواقف بل شارك فيها بطريقة أو بأخرى، فلم يعد منطق "الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح" هو العرف السائد في المجتمع بعد أن ظل كذلك لفترة طويلة، بل أصبح هناك فهم أعمق لما يجري من تصرفات سلبية تؤثر في عقول الأجيال الناشئة، وأصبح حس المسؤولية الاجتماعية حاضرا في ردود الأفعال التي أدهشتني كما أدهشت الجميع!
برنامج الصدمة أظنه صدم الجميع بشكل غير متوقع خاصة المتشائمين الذين يظنون أن مجتمعاتنا الإسلامية بدأت تنفسخ من أخلاقياتها الدينية والاجتماعية، وأنه لا أمل في ترميم جدران ضميرها المتصدع، وإعادة بناء القيم الجميلة التي كانت رمزا يعتز به ويقف الجميع بالمرصاد لكل من يحاول المساس به.
منذ أولى حلقات البرنامج حتى لحظة كتابة هذا المقال وصلتني رسائل يعبر فيها أصحابها عن المشاعر الجياشة التي تتملكهم حين يرون تفاعل الجمهور الإنساني والإيجابي أمام المواقف التي تمتهن فيها كرامة الإنسان أو المجتمع على حد سواء وعدم سكوتهم على التجاوزات الأخلاقية والدينية والسلوكية التي تحدث أمامهم!
حين أشاهد طريقة تعاطي الجمهور الذي تحدث أمامه هذه المواقف المعدة مسبقا -وهو طبعا لا يعلم بها- واندفاعه في مد يد العون وبذل النصيحة وعدم السكوت على امتهان إنسانية الإنسان وآدميته أتذكر حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"!رغم ما مرت وتمر به مجتمعاتنا الإسلامية من محاولات مستميتة لتشويه صورتها الإنسانية إلا أن هذا البرنامج وغيره من البرامج الهادفة يبعث إلى قلوبنا الأمل أنه مهما جفت الأغصان وتساقطت الأوراق ستبقى الجذور قوية ضاربة في عمق الأرض وكل ما علينا هو أن نؤمن بقدرتها على أن تثمر من جديد -بإذن الله تعالى.

وخزة
يقول نيلسون مانديلا: "ليس حرا من يهان أمامه إنسان ولا يشعر بإهانة".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي