آمنة .. أنتظر رسالتك القادمة من الباحة
رمضانيات - 3
.. أود أن أفرحكم كما فرحت أنا بهذه الرسالة. رسالة أمل، رسالة إيمان، رسالة رضا، رسالة انسجام وتوازن مع النفس ومع خارج النفس.. رسالة تعطر الروح إن كان للروح عطر.
إنها رسالة من الفتاة آمنة رضا، والاسم طبعا مستعار أسقطته كصفة لصاحبة الرسالة المؤمنة. بالرسالة فرح مضاعف لي لأنها تكتبها، كما تقول، متأثرة بقصة في مقال لي، وأذكر القصة جيدا ولا أتذكر بأي مقال وإلا لأشرت إليه.
إليكم الرسالة المنيرة، مترجما لها، لأنها كتبتها بإنجليزية فصيحة. ولاحظت ظاهرة كثرة الكتابة بالإنجليزية من شباب وفتيات، ما يعني أنه أسهل لهم الإنجليزية كتابة وتعبيرا، وهي ظاهرة يجب أن ننتبه لها:
"اسمي آمنة رضا من مدينة جدة، وأهلنا جاءوا من الجنوب من الباحة، ومع أني متعلقة بمدينتي جدة وأحب حياتي بها، ففيها كل ذكرياتي، من مولدي ليومي هذا وأنا على فراش المرض خارج البلاد، ولكن أتمنى بعد مرضي أن أسكن الباحة، وسأقول لك لماذا. بجدة صديقاتي خصوصا صديقة لي اسمها ضوية Dhaweyyah (والاسم هنا صحيح) أقرب لي من الأخت البيولوجية التي لم أحظَ بها، فأنا ابنة وحيدة في ثلاثة إخوة من أطيب الإخوان، ضوية هي كل ما أعرف عن الأخت وكيف تكون. ضوية ستتزوج وستذهب للباحة، ووعدني أبي أن أبقى عند بيت جدي بالباحة ما شاء لي المقام بقرب ضوية، بعد أن أشفى بإذن الله.
إني أؤمن بأن المريض إن تعلق بشيء يساعد ذلك جهازه المناعي في تسريع الشفاء، لذا أنا عزمت أن أشفى، وأن أبقى بالباحة مدة طويلة من أجل أختي ضوية. وضوية لا تعلم وأصر أن تعرف من هذه الرسالة إن وافقتَ على نشرها وأرجو أن تكتب اسمها صريحا، وكتبتْ آمنة لقب عائلة ضوية وامتنعت عن نشره فليس من حقي بدون إذن، ولكن اسم ضوية ليس منتشرا، وإن وقعت عينا ضوية على المقال هذا فستعرف نفسها بما أنا متأكد منه.
وتتابع آمنة برسالتها، مختصرا معظمها، فهي مع طولها بغاية الجمال والتفاؤل والسرد الحلو:
"إلا أن الذي غيرني إيجابيا أكثر ما أرسلته لي ضوية وقالت إنها عثرت عليه مصادفة. مقال لك قديم (صفة قديم من عندي) تحكي فيه قصة الكاتبة الدانماركية الكسيحة "كارين بلكسين Karen Bliksin". لا أدري هل القصة هي التي منحتني كل هذا الأمل بالشفاء وعززت الرغبة القوية فيه، أم طريقة وضعك للقصة، فاشتغل داخلي مولد التصميم على آخره، خصوصا أني كاتبة وعلى وشك أن أنهي قصة أكتبها منذ أشهر لولا مداهمة المرض الذي تسميه بمرض الرحمة، وعندي الآن هذا التفاؤل بالله أولا ثم بقوة عزمي أني سأشفى وأكمل الكتاب. بل إني سأشرع وأنا مريضة في الاستمرار بالكتابة تماما كما فعلت الكاتبة كارين.
أكتب لك هذه الرسالة لا لكي أشكرك.. بل لكي أفرحك".
انتهت الرسالة.
والكاتبة الدانماركية، تلك على عجالة، وضعت أهم مؤلفاتها وهي كسيحة تماما عاجزة عن الحركة بعد عمليات متعددة أجريت لها، وأصرت على متابعة الكتابة بما يشبه المستحيل ألما واستطاعة، ولها كتاب أثر بي بكل صفحة من صفحاته، كتبته وهي مريضة بعنوان: "قصص الشتاء Winter Tales"
آه.. أفرحتني هذه الرسالة. نجحت الفتاة آمنة المريضة بأن تبث السعادة بقلبي كسيل من ورد، فما أسعدها بنفسها، وأسأل الله لها شفاء سريعا.
وأتطلع بإذن الله أن تكون رسالتك التالية لي يا آمنة.. من الباحة.