رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مؤسسات الطوافة .. وضعف الأداء

قبل عقد من الزمن تقريبا قادتني وساطة زميل دراسة في السنة النهائية بالجامعة إلى فرصة عمل مؤقتة في موسم الحج في إحدى مؤسسات الطوافة المتخصصة في خدمة الحجاج وقد كان اسم المؤسسة كبيرا جدا يشعرك بأنك تتعامل مع شركة قابضة لكنها في حقيقة الأمر لم تكن سوى ثلاثة مكاتب مستأجرة تحت إدارة ثلاثة أشقاء ومجموعة من الوافدين ومثلهم من طلبة الجامعة، وكلنا نعمل بشكل مؤقت مقابل مكافآت بسيطة حتى ينتهي موسم الحج، بينما يحصل الأشقاء الثلاثة على النسبة الكبرى من الأرباح بحكم وراثتهم العائلية لهذه المؤسسة.
رغم أهمية هذه المؤسسة في خدمة الحجاج الوافدين آنذاك إلا أنني أتذكر أن الأمور كانت تسير بطريقة بدائية وباجتهادات فردية، تفتقد العمل المهني وتشعرك أحيانا بالذهول من كثرة الأخطاء وتضارب المهام وسوء الإدارة.
وقد كنا نواجه الكثير من المواقف المحرجة والغاضبة مع الحجاج نتيجة ضعف إمكانات المؤسسة التي لم تكن بحجم العمل الموكل إليها.
هذه الصورة النمطية لم تختلف كثيرا عن بقية المؤسسات التي لا تتجاوز عشر مؤسسات حسب الإحصاءات المعلنة وما زالت تحتكر هذه المهنة منذ سنوات بعيدة مكتفية بتحقيق الأرباح الموسمية السريعة دون تطوير في الأداء، وقد قرأت في أحد تقارير وزارة الحج والعمرة أن مؤسسات الطوافة حققت العام قبل الماضي أرباحا تقدر بـ 800 مليون ووفرت قرابة ألفي فرصة عمل موسمية، وهذه أرقام متواضعة جدا تكشف بوضوح ضعف العمل وعدم قدرة مؤسسات الطوافة على مواكبة المتغيرات.
برنامج التحول الوطني يستهدف زيادة في أعداد المعتمرين لتصل إلى 15 مليون معتمر بحلول 2020 بما يضمن زيادة المداخيل المالية إلى 19 مليار ريال.
هذه النقلة الكبيرة في أعداد المعتمرين تحتم على الدولة ومن خلال المجلس الاقتصادي الأعلى ووزارة الحج والعمرة والجهات الأخرى سرعة المبادرة بكتابة تاريخ جديد للاقتصاد السعودي في مجال خدمات الحج والعمرة من خلال العمل على تأسيس شركات مساهمة متخصصة في خدمة الحجاج والمعتمرين لديها القدرة المالية والكفاءات التنفيذية والموارد البشرية اللازمة التي تمكنها من تقديم خدمات متميزة في مجال خدمة الحجيج والمعتمرين من سكن، وإعاشة، وخدمات النقل والعلاج وسياحة ما بعد الحج والعمرة وغيرها، كما يمكن لهذه الشركات أن تكون سوقا وطنية واعدة لفرص العمل خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تزايد أرقام البطالة في منطقة مكة المكرمة كما تشير بذلك إحصاءات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وهناك دراسات سابقة ذكرت أن زيادة عدد المعتمرين سيسهم في توفير قرابة 74 ألف فرصة عمل في السنوات الخمس الأولى وهذا من أهم الأهداف التي يجب تحقيقها فنحن في صراع كبير مع البطالة.
وليس من المقبول ونحن نتحدث عن تأسيس اقتصاد جديد وفاعل في "رؤية 2030" أن تستمر مثل هذه المؤسسات الفردية ذات الأداء الرتيب والضعيف مهما كانت المبررات فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي